Histoire d'Ibn Khaldoun

Chekib Arslan d. 1368 AH
89

Histoire d'Ibn Khaldoun

تاريخ ابن خلدون

Genres

ومنهم الشيخ رستم خليفة البروسي كان ينتسب إلى الشيخ عاجي خليفة وكان عابدا متوكلا.

ومنهم العارف بالله ابن علي ججه خليفة العارف بالله ابن الوفاء وكان شيخا عابدا زاهدا.

ومنهم علاء الدين الأسود أخذ عن حاجي خليفة وكان متوجها إلى الله بكليته.

ومنهم السيد علي بن ميمون المغربي الأندلسي، جاء في الشقائق النعمانية أنه أخذ عن ابن عرفة وعن الشيخ الدباسي، وجاء إلى الشرق لأجل الحج ودخل مصر ثم الشام ثم جاء إلى بورسة ثم رجع إلى بلاد الشامية وتوفي بها ستة سبع عشرة وتسع مئة وكان على جانب عظيم من التقوى قوالا بالحق وكان لا يخالف السنة، فلا يقوم للزائرين، وكان يقول: لو أتاني بايزيد بن عثمان لا أعامله إلا بالسنة. وكان لا يقبل الوظائف ولا هدايا الملوك وجاء في «شذرات الذهب» لعبد الحي ابن العماد الحنبلي، ترجمة العارف بالله سيدي علي بن ميمون فقال: إنه ابن ميمون بن أبي بكر بن علي بن ميمون بن أبي بكر بن يوسف بن إسماعيل بن أبي بكر بن عطاء الله ابن حسون بن سليمان بن يحيى بن نصر الهاشمي القرشي المغربي الغماري أصله من «جبل غمارة» وسكن مدينة فاس، واشتغل بالعلم ثم درس ثم ولي القضاء، ثم ترك ذلك ولازم الغزو على السواحل وكان رأس العسكر، ثم ترك ذلك أيضا وصحب مشايخ الصوفية منهم الشيخ عرفة القيرواني، فأرسله إلى أبي العباس أحمد التوزي الدباسي، ومن عنده توجه إلى المشرق قال الشيخ موسى الكناوي: فدخل بيروت في أول القرن العاشر وكان اجتماع سيدي محمد بن عراق به أولا هناك.

ولما دخل بيروت استمر ثلاثة أيام لم يأكل شيئا فاتفق ان ابن عراق قال لجماعته وقد أتوا بالطعام: ادعوا ذلك الفقير. فقام السيد علي وأكل ثم قال ابن عراق: قوموا بنا نزور الإمام الأوزاعي. فصحبهم ابن ميمون ففي أثناء الطريق لعب ابن عراق على جواده كعادة الفرسان، فعاب عليه ابن ميمون فقال له ابن عراق: أتحسن اللعب على الخيل أكثر مني؟ قال: نعم، فنزل ابن عراق عن فرسه فحل ابن ميمون الحزام وشكه كما يعرف، وركب ولعب على الجواد فعرفوا مقداره في ذلك ثم انفتح الأمر بينهما إلى أن شهر الله تعالى سيدي علي بن ميمون وقال في «الشقائق»: إنه دخل القاهرة وحج منها، ثم دخل البلاد الشامية وربى كثيرا من الناس ... إلا آخر ما نقل عن صاحب الشقائق، وقال ابن العماد ا لحنبلي: إنه كان من طريقته ما حكاه محمد بن عراق في كتابه «السفينة » وهو أنه لا يرى لبس الخرقة ولا إلباسها وذكر الشيخ علوان أنه كان لا يرى الخلوة ولا يقول بها، ومن وصاياه: اجعل تسعة أعشارك صمتا وعشرك كلاما وكان يقول: الشيطان له وحي وفيض، فلا تغتروا بما يجري في نفوسكم وعلى ألسنتكم من الكلام في التوحيد والحقائق حتى تشهدوه من قلوبكم. وكان ينهي أصحابه عن الدخول بين العوام والحكام ويقول: ما رأيت لهم مثلا إلا الفأر والحيات، فإن كلا منهما مفسد في الأرض. وكان شديد الإنكار على علماء عصره، ومن كلامه: لا ينفع الدار إلا ما فيها. ومنه: لا تشتغل بأن تعد أموال التجار وأنت مفلس، ومنه: اسلك ما سلكوا تدرك ما أدركوا. ومنه: عجبت لمن وقع عليه نظر المفلح كيف لا يفلح، ومنه: كنزك تحت جدارك، وأنت تطلبه من عند جارك. وله من المؤلفات شرح الأجرومية على طريقة الصوفية، وكتاب غربة الإسلام في مصر والشام وما والاهما من بلاد الروم والأعجام، ورسالة لطيفة سماها «تنزيه الصديق عن وصف الزنديق» ترجم فيها للشيخ محيي الدين ابن العربي ترجمة في غاية الحسن والتعظيم.

وذكر ابن طولون أنه دخل دمشق في أواخر سنة اثنتي عشرة وتسع مئة ونزل بحارة السكة بالصالحية، وهرع الناس إليه للتبرك به، وقال محمد بن عراق في سفينته إنه لم يشتهر في بلاد العرب بالعلم والمشيخة والارشاد إلا بعد رجوعه من الروم إلى حماة سنة إحدى عشرة، ثم قدم إلى دمشق سنة ثلاثة عشرة وتسع مئة، وأقام في قدمته هذه ثلاث سنوات وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما يربي ويرشد، ويدعو إلى الله على بصيرة، واجتمع عليه الجم الغفير، ثم دخل عليه قبض وهو بصالحية دمشق واستمر ملازما له حتى ترك مجلس التأديب، وأخذ يستفسر عن الأماكن التي في بطون الأودية ورءوس الجبال، فذكر له محمد بن عراق «مجدل معوش» فهاجر إليها في ثاني عشر محرم هذه السنة، قال سيدي محمد بن عراق: ولم يصحب غيري والولد علي - وكان سنه عشر سنين - وشخصا آخر عملا بالسنة، وأقمت معه خمسة أشهر وتسعة عشر يوما وتوفي ليلة الاثنين حادي عشر جمادى الآخرة ودفن بها في أرض موات بشاهق جبل حسبما أوصى به قال: ودفن خارج حضرته المشرفة ورجلان وصبيان وامرأتان وأيضا امرأتان وبنتان، الرجلان محمد المكناسي، وعمر الأندلسي، والصبيان ولدي عبد الله - وكان عمره ثلاث سنين - وموسى بن عبد الله التركماني والمرأتان أم إبراهيم وبنتها عائشة زوجة الذعري، والأخريان، مريم القدسية، وفاطمة الحموية، وسألته عند وفاته: أين أجعل دار هجرتي؟ فقال: مكان يسلم فيه دينك ودنياك ثم تلا قوله تعالى:

الذين تتوفاهم الملائكة ... الآية.

قلت: قرية «مجدل معوش» هي في قضاء الشوف من بلادنا في بلد لبنان وكان أهلها مسلمين من أهل السنة، ووقعت بينهم عداوة شديدة فخرجوا منها واشتراها النصارى، وذلك منذ مائتي سنة، ولما دخلها السيد علي بن ميمون المغربي كانت لا تزال قرية إسلامية، وبقي قبر السيد من ذلك الوقت معروفا لا يجهله أهل القرية، وجاءنا مرة الخبر بأن بعض النصارى أرادوا استعمال ذلك القبر للدفن، وكان في ذلك الوقت عمنا الأمير مصطفى أرسلان قائم مقام قضاء الشوف، فأخبرته بالخبر فأمر مدير ناحية العرقوب الشمالي التي منه تلك القرية بأن يتحقق هذا الأمر ويمنع تعرض أحد للقبر، ثم جمعنا إعانة مالية وأدى كل منا ما قدر عليه، فبلغ المجموع مئة جنيه ذهب وجددنا القبر المذكور لأنه كان قد خرب تقريبا فخشينا بسبب خرابه أن يستعمله النصارى لدفن موتاهم.

وبلغ المرحوم الأمير علي بن الأمير عبد القادر الجزائري شروعنا ببناء هذا القبر، فأراد أن يكون له حصة في المثوبة فأرسل أيضا شيئا من المال، وهكذا جددنا قبر الولي المشار إليه قدس الله سره بعد نحو من أربع مئة سنة من وفاته، وكان هذا العاجز السبب في ذلك، وأخمن أن هذه القضية مضى عليها سبع وثلاثون سنة، وقد أطلت في ترجمة السيد علي بن ميمون لكونه من أقمار أهل المغرب التي اطعلت على المشرق ولكوني قمت له بخدمة قبره بعد دفنه بأربعة قرون والله على ذلك شهيد.

ثم نعود إلى ذكر العلماء الذين اشتهروا في زمان السلطان بايزيد فمنهم العارف بالله الشيخ علوان الحميدي، اتصل بخدمة السيد علي بن ميمون وكان بحرا من بحار الحقيقة، وكان شافعي المذهب، توفي سنة أثنتين وعشرين وتسع مئة

Page inconnue