Histoire de la première guerre des Balkans: entre la Sublime Porte et l'Union balkanique composée de Bulgares, Serbes, Grecs et Monténégrins
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Genres
وكتب الموسيو هارتويج المعتمد الروسي في عاصمة الصرب (الذي يشتغل منذ سنة 1909 بعقد اتحاد بين صقالبة الجنوب) إلى الموسيو سازونوف وزير خارجية روسيا يحول نظره إلى أهمية الحوادث التي يتأهبون لها في شبه جزيرة البلقان، ولكن الحكومة الروسية بقيت جامدة بعد هذا التنبيه، أما الحكومة الصربية فإنها عزمت على العمل وكان معتمدها بالعاصمة البلغارية وقتئذ غائبا عن منصبه فأصدر إليه وزير الخارجية الصربية أمرا بالرجوع مسرعا إلى صوفيا ليشتغل بعقد معاهدة بين دولته والبلغار.
ثم ازداد الأمر خطرا واستفحالا في ذاك الوقت بتعبئة جانب من الجيش العثماني في البلقان؛ لأن الحكومة العثمانية تفزعت من أن يكون لصدى حرب طرابلس رجعا قويا في البلاد البلقانية، ثم قامت الدولة البلغارية تريد تعبئة جيشها أيضا. فأخذ وزير خارجية الصرب يفرغ الجهد في حمل بلغاريا على الصبر والأناة رجاء أن يدخر قوتها إلى ما بعد المحالفة التي كان يشتغل بتمهيد سبيلها؛ لأن هذا السياسي المحنك كان يدرك أن كلا من جيش الصرب وجيش البلغار لا يستطيع وحده أن يقهر الجيش العثماني برغم ما عرفه الجواسيس من ضروب الخلل.
ولما وصل الموسيو سبالايكوفتش معتمد الصرب إلى صوفيا كان سبب السلم مضطربا كل الاضطراب، وملك البلغار يستحم في النمسا، والموسيو جيشوف رئيس وزارته يجول في أوروبا، والموسيو تيودورف وزير المالية ينوب عنه في الرئاسة ، فوقعت الوزارة البلغارية في حيرة لا تدري أي نهج تنهج، وإنها لعلى تلك الحال إذا بتلغراف من رئيس الوزارة يطلب فيه إلى زملائه أن يحجموا عن كل قرار ريثما يصل إلى صوفيا ثم أخبرهم بأنه قابل مولاه الملك في المدينة التي كان يستحم فيها وحادثه مليا في شأن الحالة.
ثم وصل رئيس الوزارة غير مبطئ إلى صوفيا وأخبر زملاءه بأنه حادث الملك فردينان واتفق معه على الصبر والتؤدة أمام التعبئة العثمانية، وبأنه سافر مع وزير الخارجية الصربية واتفقا أيضا على وجوب عقد محالفة بين الدولتين. ثم دارت المفاوضة في هذا الشأن بين معتمد الصرب ورئيس الوزارة البلغارية، وفي 13 مارس سنة 1912 تم توقيع معاهدة هجومية دفاعية بين حكومتي صوفيا وبلغراد.
وكانت الحكومة الروسية حامية الصقالبة أول العارفين بذاك الحادث السياسي الخطير في الشرق، ثم تطرق الخبر إلى باريس فلندرا، وأصبح في وسع حكومتي الصرب والبلغار منذ تلك الساعة التاريخية أن تفكرا في مسألة إعلان الحرب على تركيا.
على أنهما رأتا من الحكمة وأصالة الرأي أن تسعيا في إدخال العدو الثالث لتركيا في هذا التحالف الجديد، فأخذتا منذ اليوم التالي في استطلاع طلع اليونان واستجلاء رأي حكومتهم، فوجدتا منها إقبالا سريعا على الدخول في سلك المحالفة البلقانية، وكان أكبر أنصارها في العاصمة اليونانية الموسيو فنزيلوس رئيس الوزارة، فأمضت الحكومة اليونانية معاهدة التحالف على «العدو العام» كما يقولون، فلم يبق إلا اختيار الوقت الموافق لإيقاظ السيف الهاجع.
سرت ريح هذا النبأ من دواوين السياسيين إلى مكاتب الصحافيين، لكنه أتاهم غامضا مبهما فحاموا حول الموضوع وخبطوا بعض الخبط، ثم تمكنوا من إثبات وجود التحالف، أما الحكومة العثمانية وقتئذ فلم تقم بكل ما وجب عليها من التأهب تلافيا للشر، بل عززت الجيش بعض التعزيز ولبثت تعتقد أن الخطر غير داهم إما لجهل من معتمديها في عواصم الدول الثلاث وقصورهم عن معرفة ما يهدد دولتهم، وإما لتطرف رجالها في التفاؤل الحسن وفي الثقة بسياسة أوروبا.
وليس لدينا شك بعد ما قاله معتمد الصرب بالعاصمة البلغارية (كما عرفنا من حديثه المتقدم) في أن الحرب الطرابلسية كانت من العوامل التي جعلت الدول البلقانية تعقد العزيمة وتوطن النفس على إعلان الحرب بلا مهل؛ فلذلك كانت حكومات صوفيا وبلغراد وأثينا تود من صميم القلب أن تفشل الدول في التوسط بين الحكومة العثمانية والحكومة الإيطالية، كما قال الموسيو رينيه بيو، ثم ازداد خوفها من ضياع تلك الفرصة «الفريدة» حين اقترحت الحكومة النمساوية على الحكومة العثمانية أن تتبع طريقة الاستقلال الإداري المحلي (اللامركزية)، وقام في خلدها أن النمسا ما اقترحت هذا الاقتراح إلا وهي تضمر التقدم جنوبا فتستولي على سنجق نوى بازار، ثم تهبط سلانيك، ثم تجعل ألبانيا كمستعمرة نمساوية، والواقع أنه لا يسع أحدا أن ينكر سعي النمسا في بسط نفوذها بأنحاء ألبانيا على أيدي رجال الدين كما كانت تفعل في البوسنة والهرسك في سالف الزمان، وهي تدعي حماية الكاثوليك الألبانيين وتنفق في سبيل نفوذها هناك مالا كثيرا. •••
وليس من فضلة الكلام أن نذكر هنا محصل ما نشره الموسيو ه. وجنر الكاتب الحربي الشهير في النمسا، ومراسل «الريشبوت» أيام الحرب البلقانية، فإن هذا الكاتب الذي قربه إليه ملك البلغار ورئيس الوزارة البلغارية عقد فصلا عن التحالف البلقاني في كتابه المسمى «في سبيل الانتصار مع جيش البلغار» نأخذ منه ما يلي:
إن فكرة الحرب البلقانية لم تمتد وتنتشر إلا بعد نشوب الحرب الطرابلسية التي هي أول حرب قاست تركيا الدستورية نيرانها وخاضت معمعانها، وهي التي هيجت شوق الحكومات البلقانية «إلى تصفية حساب» المنازعات القديمة دفعة واحدة مع الدولة العثمانية، فعمدت إلى المفاوضة الأولى في ذاك الوقت إرادة أن تنال منها نتيجة قبل أن تضع الحرب الطرابلسية أوزارها. وفي ذاك الوقت أيضا ذهب مندوبون مقدونيون إلى روما للمذاكرة في الموضوع.
Page inconnue