وما تركت حديثا لوزير أو سياسي أو قائد إلا جمعته.
ولما صدر أخيرا كتاب دولتلو محمود مختار باشا الذي كان قائدا للفيلق العثماني الثالث، أضفته إلى كل ما تقدم.
بعد أن توفرت لدي كل تلك المصادر درست موضوعي درسا وافيا وقابلت بين الأقوال والروايات، حتى آنست من نفسي المقدرة على تقديم مؤلف جدير بالذكر، ومما يراه القارئ في هذا الكتاب أني لم أرو خبرا يقام له وزن إلا بعد أن رأيت تأييده في أقوال كاتبين أو مؤلفين على الأقل.
وكنت مع ذاك كله أراقب كل ما كتب أيام طبع هذا الكتاب لعلي أرى ما يجب إصلاحه، ثم نشرت في آخره ما رأيت نشره مفيدا من الملحوظات، وبذلت الجهد من جهة أخرى في مقابلة الذين عادوا من ساحات القتال، كدولة الأمير عزيز باشا حسن ومندوبي جمعية الهلال الأحمر المصري، وقلبت معهم الحديث على وجوه عديدة، بقصد أن أعرف فائدة جديدة أو أصلح هفوة من الهفوات.
تلك هي المجهودات التي بذلتها وأضفتها إلى اختبار عشرين سنة قضيتها بين المحابر والأقلام، ودرست فيها المسألة الشرقية، وطالعت جل ما كتب فيها بيراع أكابر المؤلفين وبحثت غير مرة في موضوعها، وكل ما أرجوه أن أكون موفقا في خدمة الحقيقة والتاريخ.
المؤلف
20 أكتوبر سنة 1913
وسأصدر ملحقا أضمنه ما يتقرر في شأن جزر بحر إيجه، وتحديد ألبانيا، وما يعقد من الاتفاقات أو يقع من الحوادث الكبرى وعلى الله الاتكال.
أسباب الحرب البلقانية
من رام أن يقف على حقيقة تلك الحرب الهائلة ويدرك أثرها العظيم في الشرق والغرب يلزمه أن يعرف أسبابها وحوادثها ونتائجها، وإنا بادئون بذكر تلك الأسباب واحدا فواحدا مع الإيجاز، ومعتمدون على نخبة من أقطاب السياسة وصفوة المؤرخين والباحثين في المسألة الشرقية، فإن الحرب البلقانية ليست إلا مشهدا كبيرا فاجعا من رواية تلك المسألة التي تعددت فيها الفصول وأدمت مشاهدها العيون. (1) السبب الأول
Page inconnue