Histoire des raids arabes en France, en Suisse, en Italie et dans les îles de la Méditerranée
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
في كتاب داخل في مجموعة برتز أنه كان يوجد رئيس للدير المذكور اسمه «فالتون» قد جمع عصابة من الرجال الأشداء وسلحهم بالحراب والفؤوس وهاجم هؤلاء البرابرة بغتة، فقتل أكثرهم ومن نجا منهم قبض عليه، وساقوا الأسرى إلى الدير، فأبى هؤلاء أن يأكلوا أو يشربوا، فماتوا جوعا!
وفي أثناء ذلك تغلب الألمان على المجار، وكسروا شرتهم، فنشقت سويسرة نسيم الفرج، ولكن البروفانس والدوفيني وجانبا من جبال الألب بقيت تحت طائلة العرب الذين كانت ترد إليهم الإمدادات من البحر، وكانت هذه البلدان لا تستريح ما داموا فيها، وكان الرجل العامل المدبر إذ ذاك بين ملوك أوربة، أوتون ملك جرمانية الذي لقب فيما بعد بالإمبراطور والذي استحقت له خلاله المجيدة لقب «الكبير» فدخل أوتون في علاقات مع خليفة قرطبة الذي كان أشبه بالحامي لمستعمرة فراكسينية العربية، فعزم أوتون لأجل الدفاع عن حقوق النصرانية أن يبعث بسفارة إلى الخليفة عبد الرحمن الناصر، وكان قد جاء إلى أوتون كتاب من عبد الرحمن لا يخلو من عبارات فيها غض من الدين المسيحي، بحيث اعتمد أوتون بخاصة أن يجعل في سفارته إلى قرطبة عالما لهوتيا يمكنه الاعتماد عليه في الأخذ والرد مع علماء المسلمين، فوقع الاختيار على راهب من دير غورز
Gorse
بقرب متس كان يقال له: جان وكان بلغ من تضلعه في علم اللاهوت أن حاول إقناع الخليفة عبد الرحمن بالتنصر.
وقد كانت هذه السفارة في سنة 956 والمؤرخون من المسلمين ومن النصارى متفقون على ما بلغته قرطبة لذلك العهد من العظمة والمجد فقد كانت فيها العلوم والمعارف والصنائع والفنون والسياسة، والكياسة قد أدركت الأمد الأقصى في وقتها، وكانت أوربة المسيحية مدهوشة بعظمة قرطبة وكان عبد الرحمن مقصدا لجميع ملوك العصر، وكان يراسله البابا وإمبراطور القسطنطينية وملوك إسبانية وفرنسة وألمانية وبلاد الصقالبة، وكان ملوك المسيحيين - بحسب قول مؤرخي العرب - يبسطون أيدي الخضوع للخليفة، ويعدون شرفا عظيما لهم أن يرسل الخليفة يده لسفرائهم ليقبلوها؛ وذلك لجلالة قدره في أعينهم ولطف منزلته في أنفسهم، وكان عبد الرحمن الناصر عندما تقدم عليه وفود هؤلاء الملوك لا سيما وفد ملك الروم، يبالغ في الاحتفال ويتكلف الكلف الثقال ويأمر باستقبالهم بالعساكر والأعوان وبإظهار جميع عظمة الخلافة، فكانوا يفرشون لهم الشوارع التي يمرون بها بفاخر البسط والديباج، وكانت الألوف من حرس الخليفة الخاص وأمامهم الأمراء وعظماء الدولة يصطفون على الجانبين؛ ومنهم بطانة تحيط بعرش الخليفة وبعد ذلك يقوم الأئمة ويخطبون في هذا الحفل بما يناسب المقام من وصف عز الإسلام وإظهار مناقب الإمام ثم يتلوهم الشعراء بالقصائد الطنانة التي تزيد من ابتهاج الحاضرين وحماسة السامعين.
9
أما سفارة الراهب غورز من قبل ملك فرنسة، فإنها وإن لم تكن محفوفة بجميع تلك الأهمية فلم تكن خالية من الاحتفاء والاحتفال، ولقد بقي لنا عنها رحلة بقلم أحد تلاميذ الراهب المذكور يمكننا أن نلخص منها ما يلي:
سافر الراهب جان ومعه راهب ثان لا غير، وكانت الهدايا التي لا بد من استصحابها هي من مال الدير الذي ينتسب إليه الراهب، فسار الراهب ماشيا على قدميه إلى «فيين»
Vienne
على نهر الرون، ومنها ركب في النهر إلى البحر، وركب فيه إلى برشلونة التي كانت إذ ذاك تابعة لمملكة فرنسة، وإنما كانت أول مدينة تخص الخليفة من الثغور هي طرطوشة
Page inconnue