Histoire des raids arabes en France, en Suisse, en Italie et dans les îles de la Méditerranée
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Genres
وأخيرا عقد أساقفة المسيحيين مجمعا قرروا فيه أن التحرش بهذا الموضوع أي القذف بنبي الإسلام عمدا، حبا بالقتل ونيل الشهادة، هو مخالف لروح الإنجيل، ثم إن الملك شارل الأصلع تدخل في هذه المسألة، بناء على التماس المسيحيين منه؛ لأنه قد أصابهم في البلدان الشمالية من إسبانية ما أصابهم في قرطبة.
ولما تفاقم هذا الأمر اشتد غضب عبد الرحمن الثاني على المسيحيين، وطرد من قصره جميع الذين كانوا مستخدمين فيه منهم، ثم مات عبد الرحمن سنة 858 وخلفه ابنه محمد، وفي أولى أمره شدد أيضا في معاملة المسيحيين حتى فكر في إخراجهم جميعا من مملكته، ولكنه عاد فعدل عن فكره بسبب توالي الثورات وعدم مؤاتاة الوقت له، وكانت الحرب لا تزال مشتعلة في كتلونية، وكان موسى أمير سرقسطة قد ظفر بالمسيحيين في بعض الوقائع إلا أنه انكسر في آخر الأمر وتغلب عليه ملك أشتورية فعزله الأمير محمد من إمارة سرقسطة، فاستشاط غضبا وانحاز إلى المسيحيين، وزوج ابنته بغرسية ملك ناباره، وثارت في أثناء ذلك مدينة طليطلة.
ثم إن المسلمين غزوا أيضا جزيرتي سردانية وكورسيكة، واشتدت الفوضى وانتشر الحبل في بلاد فرنسة، فكنت ترى الكنائس مهدمة والمدن خرابا واللصوص أسرابا والناس يتركون ديارهم ويضربون في الأرض طلبا للأمان، ومنهم من فضل الموت على ترك أرضه، ومن الأهالي من كان ينضم إلى الغزاة طمعا في السلب.
وبينما الحال هكذا في فرنسة لم تكن الأندلس بأسعد منها، إذ ثار فيها رجل يقال له: عمر بن حفصون - كان مسيحيا فأظهر الإسلام - وأعصوصب حوله جيش من اللصوص وقطاع الطرق، فثار على الأمير محمد وجاذبه الحبل وصارت الأندلس في أمر مريج، واضطر الأمير إلى مسالمة ملك فرنسة شارل الأصلع ليتفرغ لأمر ابن حفصون، وجاءت رسل شارل إلى قرطبة وكان ذلك سنة 866 وتقرر أن تبقى كتلونية بيد الفرنسيس، وعاد رسل شارل بهدايا ثمينة من قرطبة ومعهم إبل بحدائج مزينة، وهكذا تقضي حوادث الزمن على الملوك بمصافاة ذوي الشحناء ومهاداة الأعداء.
وفي سنة 869 جاء غزاة العرب فنزلوا في بروفانس في محل يقال له كامرغ
Camargua
وهو جزيرة مشكلة من نهر الرون، وفيها أملاك للمطران رولان رئيس أساقفة آرل، فلما نزل المسلمون في هذه الجزيرة صادفوا المطران هناك يتعهد مزارعه فقبضوا عليه وقتلوا ثلاثمائة من رجاله وساقوه إلى أحد مراكبهم، فجاء المسيحيون لأجل أن يفكوه بفدية، فطلب المسلمون به مائة وخمسين ذهبا و150 ثوبا و150 سيفا و150 عبدا، فرضي المسيحيون بتقديم هذه الفدية، فجمعوها وقدموها لأجل إنقاذ المطران، وكان هذا في أثناء جمعها قد فارق الحياة بما أصابه من الرعب فكتم المسلمون موته حتى يقبضوا المال، ولما تسلموا جميع الأشياء التي اشترطوها أخرجوا جثة المطران إلى البر، وألبسوها الثياب التي كانت عليه عندما كان حيا، وانصرفوا وكان المسيحيون قد جاءوا جمعا عظيما لتهنئة المطران بالخلاص، فلم يجدوا سوى جثة هامدة، وتحول فرحهم مأتما.
ومات شارل الأصلع سنة 876 وكان ناويا أن يذهب بجيش إلى إيطالية التي كان المسلمون قد استولوا على نواحيها الجنوبية وأصبح بسبب ذلك البابا في رومة تحت الخطر، وبرغم توالي غزوات المسلمين والنرمنديين كان الشقاق بين أمراء فرنسة لا يزال قائما قاعدا، حتى نهكت قوى البلاد بأجمعها، ولم يبق إلا أمل ضعيف يمسك بحشاشتها، وبلغ اختلاف الكلمة وتشظى العصا أقصى ما يتصور العقل.
هوامش
الفصل الثالث
Page inconnue