Histoire de la pensée arabe
تاريخ الفكر العربي
Genres
وهو زرادشتي تنصر، وسيم أسقفا نسطوريا، أسس مدرسة في «سلوقية» على نظام مدرسة «نصيبين».
وبعد ذلك بقليل أسس «كسرى أنوشروان» ملك الفرس المشهور مدرسة زرادشتية في «جنديسابور» من أعمال «خوزستان»، وحكم «أنوشروان» بين 531-578 من الميلاد، وكان قد تأثر بتعاليم اليونان، حينما كان يحارب سورية البيزنطية، فأضاف جمعا من الفلاسفة اليونان، والفلاسفة العارفين بالفلسفة اليونانية، عندما أغلق الإمبراطور «يوستنيانوس» الهياكل والمدارس في أثينا.
وكان الذين وفدوا على «كسرى» من الفلاسفة سبعة، فأكرم وفادتهم وأضافهم، وأمرهم بتأليف كتب الفلسفة أو نقلها إلى الفارسية؛ فنقلوا المنطق والطب، وألفوا فيهما كتبا، فطالعها هو ورغب الناس فيها (راجع الفهرست ص242)، على أن في رواية صاحب الفهرست شكا كبيرا، إذ كيف ينقل الفلاسفة اليونان الوثنيون الذين لا احتكاك لهم بالفارسية، وعلى الأخص الفهلوية، كتب المنطق والطب إلى لغة فارس، في حين أن الراجح ألا يكون لهم إلمام إلا بلغتهم اليونانية القديمة، يبقى ذلك الشك ما لم يثبت أن الفلاسفة اليونان كان لهم سابقة في دراسة الفارسية في عصر متقدم على عصر أنوشروان.
ويقول بعض المؤلفين: إن أنوشروان عقد المجالس للبحث والمناظرة، كما فعل المأمون من بعده بقرنين ونيف، حتى «خيل للإغريق الذين جالسوه أنه من تلامذة أفلاطون»، أما عقد أنوشروان لمجالس العلم فذلك محتمل؛ لأن أخباره مع وفود العرب وعقد المجالس لهم معروفة مشهور أمرها بين الأدباء، أما بقية الرواية فأمر مشكوك فيه؛ لأن عهد أنوشروان بفلسفة اليونان كان قصيرا إلى حد لا يعقل أن يبرز فيه أنوشروان في الفلسفة إلى هذا المدى القصي، ومما يجعل الرواية أدخل في الشك أن أفلاطون علم في القرن الرابع قبل الميلاد، ولم يعقد أنوشروان مجالس الفلسفة والعلم إلا في القرن السادس بعد الميلاد؛ فكيف يخيل إلى الفلاسفة اليونان الذين حضروا مجلسه أنه تلميذ من تلامذة أفلاطون، في حين أن تلاميذ أفلاطون كان قد أكلهم البلى من قبل ذلك بألف عام؟
والذي ذكر هذه الرواية العلامة «غيبون» مؤرخ سقوط الدولة الرومانية (راجع كتابه تداعي الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، طبعة سنة 1813، جزء ثان ص298-307). على أن «غيبون» لا بد من أن يكون قد استسقى هذه الرواية من كتاب عربي قديم.
3
ومما يدلك على اهتمام «أنوشروان» بأولئك السبعة الذين وفدوا عليه من فلاسفة اليونان، أنه وضع في المعاهدة التي عقدها والإمبراطورية البيزنطية نصا خاصا بهم، ضمن لهم به حريتهم المدنية والدينية، وعدم الاستبداد بهم فيما لو أرادوا العودة إلى وطنهم.
كان هؤلاء الفلاسفة من الآخذين بتعاليم «الأفلاطونية الجديدة»
Neo-Platonism
على أن أثرهم في الحياة الفارسية غير معروف بالضبط، فإلى أي حد تذهب هذه التعاليم في التأثير على صور التصوف التي ظهرت في فارس فيما بعد؟ ذلك ما أخذت المباحث الجديدة تجلو عنه الأستار . فقد كتب العلامة «نيكولسون» في كتاب «أشعار منتخبة من الديوان» طبع كمبردج 1898 شيئا يكشف عن تلك الآصرة التي تربط بين «الأفلاطونية الجديدة»، والباطنية كما أخذ بها في فارس.
Page inconnue