Histoire de la pensée arabe
تاريخ الفكر العربي
Genres
Monophysites
وأرسلوا طائفة منهم خارج الإمبراطورية تبث تعاليمهم، على أن هؤلاء قد اتبعوا نفس الطريقة التي اتبعها النساطرة في ترك لغة نظرائهم في الدين، وعمدوا إلى استعمال اللغة القبطية واللغة السريانية، والحق أن عصر اللغة السريانية الذهبي لا يبدأ إلا برجوع اليعاقبة عن استعمال اللغة اللاتينية إلى اللغة السريانية.
والظاهر لكل من درس علم اللغات أن هنالك فاصلا حقيقيا بين اللغة السريانية كما استعملها اليعاقبة في الغرب والنساطرة في الشرق؛ فإن اليعاقبة قد انتحلوا لهجات حديثة، يغلب أن يكون السبب فيها راجعا إلى طبيعة استيطانهم وتوزعهم الجغرافي.
إذا اعتبرنا النتائج التي حدثت من خروج النساطرة واليعاقبة، استطعنا أن نفهم لماذا ترجمت أعمال الفلاسفة اليونان إلى اللغة السريانية، بينا نجد أن الحركة النسطورية قد أصبحت بالتدريج الوسط الذي تركزت فيه ثمار التثقيف اليوناني، وانتشرت في آسيا خارج حدود الإمبراطورية البيزنطية خلال بضعة القرون التي تقدمت انتشار الإسلام.
ولا خفاء في أن تعاليم أرسطوطاليس وأتباعه المشائين، وكذلك تعاليم فلاسفة المدرسة الأفلاطونية الجديدة، كانت ذات أثر بارز في التأثير على كل من تعمد الخوض في معارك الطوائف الدينية في ذلك الزمان، وكذلك منطق أرسطوطاليس، فإنه كان كبير الفائدة وعليه بنيت طريقة الجدل التي اتخذها زعماء الدين ذريعة لإثبات مزاعمهم.
وبعد أن انفصل النساطرة واليعاقبة عن لغتهم الأصلية، نقلوا كثيرا من الكتب المسيحية إلى اللغة السريانية، فأصبح في هذه اللغة مجموعة كبيرة من المؤلفات الفلسفية والعلمية والدينية، على أن السبب في أنه لم ينقل إلى اللغة القبطية من المؤلفات بقدر ما نقل إلى اللغة السريانية، أن اليعاقبة في مصر لم تدعهم الحالات إلى مواجهة مسائل معضلة في الدين، كما كان النساطرة في آسيا.
كان العصر الواقع بين بدء المجادلات الدينية في الكنيسة المسيحية، وظهور الرغبة عند المسلمين في درس الفلسفة، عصر ترجمة وإنتاج ذهني، علق خلاله على كثير من مسائل الفلسفة، واستعرضت فيه طائفة كبيرة من أفكار اليونان ومذاهبهم، ولم يعن الناقلون في ذلك العصر بالفلسفة وحدها، بل عمدوا إلى الطلب وعلم الكيمياء والفلك، فترجموا في تلك العلوم كثيرا؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن بين الطب وبين الكيمياء والفلك آصرة قريبة ونسبا أدنى، فكانوا يقولون بأن لعلم الفلك من الوجهة الطبيعية علاقة بنشوء الأمراض، وحالات الحياة والموت والصحة والمرض.
كانت المباحث الطبية أكثر ذيوعا في مدرسة الإسكندرية منها في أية مدرسة أخرى، أما الفلسفة بمعناها الحقيقي، فكانت علاقتها باللاهوت مباشرة، حتى اضطر دارسو العلوم إلى أن يفصلوا بين مباحثهم وبين الفلسفة بقدر ما كان ذلك في المستطاع، على ما كان عليه الفكر في تلك العصور من عدم القدرة والعجز عن التفريق بين كفايات العقل البشري.
كان «يوحنا فيلوبونس»
John Philoponus
Page inconnue