Histoire de l'État des Seldjoukides
تاريخ دولة آل سلجوق
Genres
قال: وكان وزير السلطان سنجر نصير الدين محمود بن أبي توبة فأنعم على الدركزيني بفرع الري لتلك السنة. فإن الري كانت من الأعمال السنجرية وواليها من أصحابها الأجل المقرب، جوهر المعروف بالأمير الأجل. فلما فرع الوزير الفرع ووزعه، منعه الأمير الأجل ووزعه. فأغلظ الوزير له في المقال، وكان ذلك من أسباب حتفه في المآل. قال: ورحل سنجر إلى همذان وخيم بها ثلاثة أيام ثم نهد إلى نهاوند وحث على أتباعه الجند. لأن الخبر وصل بأن الملك مسعودا وصل مستعدا للملك ومعه صاحب فارس أتابك قراجة. ولما سمع طغرل بإقبال أخيه مسعود لم يطمع من السلطنة في مس عود. فعزم على الرحيل فأحس سنجر بعزمه وسير إليه الوزير والأمير الحاجب وهو محمود القاشاني، والأمير قماج وجماعة من أمراء العسكر الخراساني. فأتوه وهو واقف على تلعة حذاء كنكور وبلغوه رسالة عمه سنجر، وأنه ولاه سلطنة العراق، وسلطنه على ولاياته، وأنه ولي عهده، ومالك خراسان من بعده. فهوى إلى الأرض مقبلا، وجرى القدر بملكه من السماء فأصبح مقبلا وسار سنجر إلى نهاوند بعد ثلاث، ونفذ السلطان طغرل في العسكر العراقي فجاءهم الخبر بأن مسعودا أمسى عائدا إلى أذربيجان على سمت دينور، وما في عزمه أن يلقى عمه سنجر، فأغذ الجماعة إليه سائرين، وهجروا تلك الليلة الكرى ووصلوا السير بالسرى. فما أسفر الصبح إلا وليل العجاج خان والخطي يهتز من يمين الشجاع كأنه جان. والكوسات تذعر، والبوقات تنعر. وصادفوا العسكر المسعودي على موضع من عمل دينور يقال له بنجنكشت، مرت تلك الجيوش به فامتلأ الملأ وماج المرت، وجاش الموت، وطلعت راية السلطان الأعظم سنجر وهو تحت مظلته، كالقمر في هالته. وعلى ميمنته السلطان طغرل والأمير قماج، وعلى ميسرته خوارزمشاه وعدة أمراء مساعير يسعر ببأسهم الهياج. فحملت ميسرة مسعود على ميمنة سنجر وفيها السلطان طغرل فصدمتها وهزمتها، وركض طغرل في الهزيمة. ثم تحيز إلى عمه ووقف في قلبه، وثبت بجنبه.
وحملت ميسرة سنجر على ميمنة مسعود ففرقت نظامها، والتهمت لهامها. وفر قراجه ووقف في خواصه. وكانت لسنجر صفوف وراء صفوف، فخرقها إلى القلب، ودارت في الإحاطة بها رحى الحرب. وكان أشجع أهل زمانه فأثبت في مستنقع الموت رجله، ولم ير في الإقدام بالروح بخله، فلما كسر أسر. وقبض معه من أمرائه على يوسف الجاوش ووزيره تاج الدين بن دراسس.
Page 287