Histoire des sciences de la langue arabe
تاريخ علوم اللغة العربية
Genres
لا نريد في موضوعنا هذا أن نتعرض للبحث عن نشأة اللغة العربية وكيف تولدت مفرداتها وتوسعت وما هي عوامل توليدها وتنويعها وتوسيعها، وكيف تميزت أسماؤها وأفعالها وحروفها بعضها عن بعض، وكيف تفرعت هذه الأنواع إلى فروعها المختلفة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، لأن هذه المباحث وما أشبهها إنما هي من موضوع «الفلسفة اللغوية».
وكذلك لا نتعرض في هذا الموضوع للنظر فيما اعتور مفردات اللغة وتراكيبها من التقلبات وما طرأ عليها من التغيرات في مختلف الأزمان وتعاقب الأجيال، مثل هجر بعض الكلمات، وإماتة بعض، وإيجاد كلمات أخرى، وكإهمال بعض التراكيب ثم نسيانها وإحداث غيرها من التراكيب الجديدة والأسباب الداعية إلى هجر ما هجر وإهمال ما أهمل ونسيان ما أنسي وإماتة ما أميت وتجديد ما جدد، إلى غير هذه من المباحث التي ترجع إلى علم «تاريخ اللغة» لا إلى تاريخ «علم اللغة».
ولا بد لنا قبل الخوض في المقصود أن نمهد له بعض التمهيد، فنقول: كان علماء العربية في بادئ الأمر يعتمدون في الجمع والنقل على الحفظ والرواية فحسب، ثم ما لبثوا أن انصرفوا إلى تدوين منقولاتهم ومروياتهم وتبويبها وتفصيلها وتهذيبها، ولكنهم كانوا مع ذلك لا يعتمدون على الأخذ من هذه المدونات بقدر ما يعتمدون على الحفظ والأخذ بالمشافهة والمدارسة فالعبرة عندهم للحافظة واللسان لا للدفتر والقلم، وقد غبروا على هذه الطريقة المزدوجة حينا من الدهر، ثم أخذ أمر الرواية يضعف شيئا فشيئا إلى أن صاروا يقتصرون على الأخذ من الكتب كما هي الحال لهذا العهد، ومن هنا تبين أن علم اللغة تقلب في ثلاثة أطوار: (1)
طور الرواية وحدها. (2)
طور الرواية والكتاب. (3)
طور الكتاب وحده.
ونحن نفرد لكل طور من هذه الأطوار بحثا برأسه. (8) طور الرواية الخالصة
قلنا إن أول طلائع الاختلال في اللغة المعربة إنما ظهرت في إعرابها، ونقول الآن: إن عاهة اللحن في كلام الموالي والمتعربين ومن خالط الأعاجم من العرب أو جاورهم نشبت منذ عصر البعثة النبوية حينما اعتنق الإسلام أناس يرتضخون لكنا شتى من بين رومية وفارسية وحبشية وغيرها، وقد رووا أن رجلا لحن بحضرة النبي
صلى الله عليه وسلم
فقال النبي
Page inconnue