Recherches sur l'histoire des sciences chez les Arabes
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Genres
71
وحتى الآن ما زال هذا الكتاب خير المراجع بشأن الهند القديمة.
وبخلاف هذا، ثمة مترجمات أيضا عن السنسكريتية قام بها. يقول البيروني: «نقلت إلى العرب كتابين؛ أحدهما في المبادئ وصفة الموجودات واسمه «سنك»، والآخر في تخليص النفس من رباط البدن ويعرف ب «باتانجل»، وفيها أكثر الأصول التي عليها مدار اعتقادهم، به فروع شرائعهم.»
72
الأول مفقود، لكن الثاني «باتانجل» - الذي حققه المستشرق ريتر - يحمل خلاصة مذهب اليوجا وفلسفة الهند الصوفية.
ومن ناحية أخرى نقل البيروني إلى اللغة السنسكريتية أعمالا أهمها المجسطي لبطليموس، وإن كانت هذه الترجمة المثبتة في عداد أعماله المفقودة.
73
هكذا كان البيروني بؤرة استقطاب لخطوط العلم المختلفة يأخذ ويعطي في أكثر من اتجاه تأكيدا لعالمية العلم.
ومثلما تكاملت دراسة البيروني العلمية للتاريخ والحضارة منهجيا بالجانب السلبي والجانب الإيجابي، فإنها تكاملت أيضا موضوعيا، وذلك لعنايته بالعلوم التجريبية المساعدة، فليس ينفصل عن التاريخ اهتمام البيروني بالجغرافيا وطرق رسم الخرائط وتحديد المسافات بين البلدان، ودفعه هذا إلى الاهتمام بالجيولوجيا والتكوين الطبقي للصخور والأنهار، وذلك في كتابه «تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن»، ورسالتيه «تصحيح خطوط الطول والعرض لساكن المعمور من الأرض» و «أطوال البلاد وعرضها»، حيث نجد نظريات رائدة عن حدوث التطورات الأرضية البطيئة، وما ينتج عنها من انتقال للعمران من موضع إلى آخر. تكلم أيضا عن الثورات الجيولوجية التي كانت تنتاب القشرة الأرضية وما كانت تحدثه فيها من التواءات وارتفاعات وانخفاضات، مما أدى إلى تكون سلاسل من الجبال، ومساحات المياه التي تنحسر وتتحول إلى يابسة «فهذه بادية العرب كانت بحرا، فانكبس حتى إن أثر ذلك ظاهر عند حفر الآبار والحياض.» ويجمل بنا الآن أن نعود مجددا إلى المنهج التجريبي، فمن هذه الإشارة البسيطة للبيروني يتضح كيف تآزر الفرض العقلي والاستنباط مع المشاهدة الحسية.
74
Page inconnue