Histoire abrégée de Bassorah
مختصر تاريخ البصرة
Genres
ثم سميت على توالي الأعوام باسم البصيرة - تصغير البصرة - وصارت منتزها ومصيفا للولاة والوجهاء، فابتنوا فيها القصور والمنازل حتى توسعت وزادت عمارتها على توالي الأيام، وأخذ البصريون يهاجرون إليها رويدا رويدا، فما تم خراب البصرة القديمة إلا وصارت هذه مدينة كبيرة، وسميت البصرة، واندرس اسم الموفقية واسم البصيرة، وقامت مقام القديمة في سنة 701ه في عهد السلطان غازان أحد ملوك الدولة الإيلخانية التي أسسها هولاكو المغولي في العراق بعد دولة بني العباس في سنة 656ه، أعني أنها قامت مقام القديمة في أوائل القرن الثامن للهجرة الموافق لأوائل القرن الرابع عشر للميلاد. (1) البصرة الحديثة في عهد الإيلخانيين
كانت البصرة الحديثة في عهد الملك غازان - أو قازان - الإيلخاني المغولي تابعة لبغداد، ترسل إليها الحكام من قبل الحاكم العام المقيم ببغداد، وظلت على تلك الحال حتى مات هذا السلطان في سنة 703ه وتولى الملك ابنه السلطان خدابنده محمد، ثم تولى بعده ابنه السلطان أبو سعيد بهادرخان في سنة 715ه، وفي أيامه في سنة 725ه كان على البصرة أميرا ركن الدين الفارسي التوريزي. فلما مات أبو سعيد هذا في سنة 736ه وتولى السلطنة أرباغاوون أو أرباخان ثار حاكم العراق ببغداد علي بادشاه فنادى بسلطنة موسى خان أحد أفراد الأسرة المالكة، فقامت الفتن والحروب بين التتريين، فتغلب على بعض البلاد الفراتية المماليك ملوك مصر والشام، وتغلبت قبائل العرب على البصرة والكوفة وعلى أكثر البلاد الواقعة على حافة البادية وحافة سواد العراق، وانتهت فتنة التتريين بقتل أرباغاوون، وصار الملك إلى موسى خان، فقتل بعد بضعة أشهر، فعادت الحروب بين أفراد العائلة المالكة، وبقيت البلاد العراقية فوضى، فحمل الشيخ حسن الكبير الجلائري التتري بجيش جرار، وكان أميرا على التتر الرحل المبثوثين في آسيا الصغرى، فالتقى بحاكم العراق موسى خان، وبعد حروب انتصر عليه وقتله، ثم سار إلى العراق فاستولى عليه في سنة 738ه وأسس الدولة الجلائرية في العراق. (2) البصرة في أيام الدولة الجلائرية وأيام تيمور لنك
بعد أن استقر أمر الشيخ حسن الكبير مؤسس الدولة الجلائرية التترية في العراق في سنة 738ه وجه الولاة إلى البلاد ومنها البصرة، فبقيت هذه المدينة يحكمها رجاله إلى أن توفي في سنة 757ه وتولى العراق ابنه السلطان ويس، ثم مات في سنة 776ه فاستقل بالعراق ابنه السلطان حسين، فقتله أخوه السلطان أحمد في سنة 784ه وجلس مكانه، فقامت المعارك والحروب بين رجال الأسرة المالكة حتى ضعفت الدولة في الوقت الذي كان فيه الفاتح المشهور تيمور لنك ملك التتر قد قوي أمره وعظمت سطوته، واستولى على بلاد كثيرة؛ كفارس وخراسان وسجستان وأفغانستان وأذربيجان وغيرها، حتى وجه نظره إلى العراق، فحمل عليه في سنة 795ه فانهزم السلطان أحمد؛ لعدم قدرته على صده، فاستولى تيمور لنك على بغداد أولا، ثم على بقية المدن العراقية، فوجه الولاة إلى الأمصار، وترك في كل مدينة حامية، وسار هو لفتح الهند.
وكان السلطان أحمد قد فر إلى مصر ملتجأ بسلطانها الملك الظاهر برقوق، فجهز له جيشا كبيرا، وسيره معه إلى بغداد، فلما اقترب منها انضمت إليه أكثر القبائل العراقية، فحاصر بغداد، فاضطر الحاكم الأمير مسعود السبزاوي إلى الهزيمة منها، فدخلها السلطان أحمد في سنة 797ه، فعادت له أكثر المدن العراقية.
أما تيمور لنك فإنه بلغه ما قام به السلطان أحمد الجلائري من استرجاع العراق فكر راجعا في سنة 803ه، وبعد حروب استولى على بغداد عنوة - مرة ثانية في السنة نفسها.
ومات تيمور لنك في سنة 808ه أثناء عودته من بلاد الصين، فتولى الملك بعده حفيده خليل بن ميران شاه بن تيمور لنك، فاغتنم الفرصة السلطان أحمد الجلائري فعاد إلى العراق، واستنفر القبائل العراقية، فانضم إليه خلق كثير، وبعد معارك استرد بغداد في السنة نفسها، ثم استرد بقية المدن العراقية، فاستقام أمره في العراق.
ولم يكد السلطان أحمد يستريح من تيمور لنك ومن قام بعده حتى حدثت بينه وبين قره يوسف التركماني صاحب ديار بكر وأذربيجان حروب في سنة 813ه انتهت بقتل السلطان أحمد غدرا في السنة نفسها في جوار تبريز، ثم انقرضت دولة الجلائريين في سنة 814ه وقامت على أنقاضها في العراق دولة الخروف الأسود التركمانية،
1
وكانت البصرة في أيام الجلائريين كغيرها من بلاد الرافدين يحكمها الولاة المستبدون، ولم يصلنا عنها خبر يستحق الذكر.
وأول من ملك العراق من ملوك دولة الخروف الأسود قره يوسف ، ثم ولى على العراق ابنه الشاه محمود في سنة 815ه، فقتل في سنة 817ه، فتولى العراق أخوه الشاه محمد بن قره يوسف فقتل أيضا في سنة 841ه، وصارت السلطنة إلى مير زاجهان شاه بن قره يوسف، وتم أمره في العراق وديار بكر وأذربيجان وفارس وكرمان، فولى في سنة 867ه على العراق ابنه بيربداق، غير أن الحروب بقيت بين رجال هذا البيت حتى ضعف أمرهم، وأصبحت البلاد التي تحت حكمهم - ومنها البصرة - فوضى تقريبا، ولم تكد تلك الفتن تنتهي حتى طمع في هذه الدولة حسن الطويل التركماني مؤسس دولة الخروف الأبيض - آق قويونلي - في ديار بكر، فقامت بينه وبين جهان شاه حروب دامت سنتين، فانتهت باستيلاء حسن الطويل - أوزون حسن - بن علي بيك على قسم من بلاد هذه الدولة في سنة 872ه، ثم عادت الحروب بين الدولتين، فانجلت عن انقراض هذه الدولة في سنة 874ه، فقامت مكانها في العراق دولة الخروف الأبيض، ولم يملك العراق من رجال دولة الخروف الأسود غير أربعة ملوك، ولم يكن ملكهم في هذا القطر أكثر من ستين سنة.
Page inconnue