============================================================
ذكر إبراهيم عليه السلام أخذ ديكا وطاوسا وغرابا وحماما وقطعهما وأمسك رؤوسهما في يده ثم دعاهن كما آمر الله تعالى حتى أتينه سعيا بلا رؤوس فرفع رأس الغراب إلى الطاووس فأمال عنقه فلم يقبله حتى أعطاه رأسه قال الله: وأعلم أن الله عزير حكيم} [البقرة: الآية 260] قد حكم إحياء الموتى جميعا يوم يجمع الأولين والآخرين خلاف ما ادعى تمرود من إحياء الموتى فأمر به نمرود إلى السجن بعد محاججته له فلبث في السجن سنين فجعل إبراهيم يدعو أهل السجن إلى الله وعبادته حتى ظهر أمره واتبعه أناس على الإسلام وبلغ ذلك نمرود فدعا بأبيه وأمه، وقال لهما: ما حملكما على ما صنعتما وكتمتما أمر هذا الغلام حتى بلغ هذا المبلغ وكنتما أوثق الناس عندي فقالا: حملنا على ذلك حسن النظر لك، ولأهل مملكتك فلقد كنت تذبح أولاد رعيتك منذ أربعين سنة فأردنا أن نجرب ولدنا فإن كان عدو لك مكناك منه حتى تقتله على يقين من أمره ونستريح وتستريح أهل مملكتك من البلاء، وإن لم يكن ولدنا عدؤا لك فرأيك فيه إن شئت قتلته وإن شئت تركته، فأما الآن قد ظهر أمره فدونك وعدوك فاقتله فمن أحسن يذا عندك منا أهل البيت إذ كنت في طلب عدوك أربعين سنة فلا تزداد إلا غما مع كل يوم وحزنا فأظهرناه لك ومكناك منه فقال نمرود: إنكما إن قتلتماه صغيرا لم يبلغ هذا المبلغ قال، أيها الملك لو ذبحناه صغيرا أكنت مقصرا من ذبح الولدان فهل كنت تعلم حين نذبحه صغيرا أنه عدوك الذي تطلبه قال نمرود: لا، فقال الناس جميعا أيها الملك لا نعلم أحذا اكبر منه عليك وعلينا من هذين إذ فرغا قلبك وقلوب الناس وسر الناس فأريحوا من ذبح أولادهم وقبل نمرود قولهما وصدقهما قال وهب بن منبه إنه قتل في آمر ابراهيم سبعة آلاف صبي والله أعلم.
باب في ذكر إلقاء إبراهيم عليه السلام في النار ثم إن نمرود وقومه اجتمعوا على إهلاك إبراهيم واستشارهم نمرود بأي نوع من العذاب نهلكه قالوا: حرقوه وانصروا ء الهتكم إن كنثم فكعلي} [الأنبياء: الآية 68]، ويقال إن الذي أشار بإحراقه كان رجلا من الأكراد فينوا له آتونا ويقال دارة إلى سفح جبل منتف طول جدارها ستون ذراغا ونادى منادي الملك احتطبوا لنار إيراهيم فلا يتخلفن منكم أحد ذكرا وأنثى لا صغيرا ولا كبيرا ومن يتخلف ألقي فيها، فعملوا في ذلك أربعين ليلة حتى لقد كانت المرأة تحلف بإلكهها أن لو وجدت قليل شيء لأحتطبن للنار حتى إذا ساوى الحطب رأس الجدار سدت أبواب الأتون بالنحاس، وقذفوا فيه النار فارتفع لهبها وسطع دخانها حتى ششي مدينتهم وطار كالسحاب واشتد حرها فلا يدنو أحد منها إلا احترق، ويقال كان يسمع أجيج النار من مسيرة ثلاثة أيام، فلما رأوا ذلك بتوا بنيانا إلى جنب
Page 73