============================================================
ذكر آدم عليه السلام الحراثة حتى حرث وبذر، وروي أنه لما أتاه ببذر الحنطة قال: أاكله؟ قال جبرائيل: لا، بل احرثه. فلما حرثه نبت قال: أاكله خضرا؟ قال: لا، حتى خرجت السنبلة فقال: ااكله؟ قال: لا، فلما حصده قال: ااكله؟ قال: لا، وأمر بدياسته وتنقيته، فلما نقاه قال: أأكله؟ قال: لا بل اطحنه وعلمه الطحن برحاء اليد فلما طحنه قال: أاكله؟ قال: لا، وأمره حتى عجنه، قال: أاكله؟ قال : لا، ثم أمره بالخبز فخبزه، فلما أخرجه من التنور قال: أاكله؟ قال: لا بل اصبر عليه حتى يبرد وعلمه النسج أيضا وعلم حواء الغزل فأخذ آدم من صوف النعجة فغزلته حواء ونسج آدم حتى اتخذ لنفسه جبة من صوف ولحواء درغا وخمارا من صوف، ولما عالج آدم الشقاء والكذ في طعامه ولباسه قال لحواء هذا من جنايتك علي، ولقد كان الله قال لنا: فلا يخرحتكا من الجنة فتشق} [طله: الآية 117] فهذا هو الشقاء الذي تعالجه، والله أعلم باب في ذكر الميثاق شانه ووقته قال بعض أهل الأخبار: إن الله تعالى لما أدخل الروح في آدم أخرج ذريته من صلبه وأخذ عليهم الميثاق ثم رذهم إلى صلبه ودفعه إلى الجنة، وذكروا أن حواء ولدت له بطنا في الجنة توأمين وهما قابيل وأخته اقليما ويقال إن اسمها قين في التوراة. وقال الاكثرون : لا بل كان أخذ الميثاق بعد خروج آدم من الجنة وهذا أولى عندنا من حيث إنه لو كان الله أخذ الميثاق على بني آدم قبل دخوله الجنة لكان آدم قد عرف أنه يخرج من الجنة وأنه يموت ولا يخلد فيها فكان لا يطيب له عيش فيها وأيضا لكان لا يغتر بقول إبليس حين قال له: إنك إذا أكلت من هذه الشجرة خلدت في الجنة، ولم تمت وقد ذكرنا هذه المسألة في معاني القرآن، ثم اختلف الناس في موضع إخراج الله ذرية آدم من صلبه، فقال بعضهم: إنه كان بواد يقال له الرحبان بين مكة والطائف ويقال: لا، بل بواد يقال له: بطن نعمان(1) قريبا من مكة وقال آخرون: كان أخذ الميثاق بأرض الهند بواد يقال له رحبان بضم الراء، قالوا: وذلك أن الله تعالى أراه نورا فاتبع النور حتى وصل إلى هذا المكان فنام هنالك نومة، فاستخرج الله ذريته من صلبه في نومته، فأما ابن عباس قال : مكان أخذ الميثاق ما بين مكة والطائف والله أعلم، قال الله تعالى: وإذ أخذ ريك من ببني ه ادم من ظهورفر ذريتهم (الأعراف: الآية 172] الآية . قال ابن عباس رضي الله عنه إن الله تعالى مسح (1) نعمان: بالفتح ثم السكون، وآخره نون، وهو واد، وهو بين مكة والطائف. ياقوت الحموي، معجم البلدان 293/5.
Page 33