============================================================
ذكر سليمان عليه السلام فاستقبلته خطافة فقالت له: أيها الملك إن لي غشا فيه بيض قد حضتهن وإنك إن مررت بعشي حطمتهن فترك سليمان ذلك الطريق فلما نزل سليمان في داره جاءت الخطافة وقد حملت ما في مناقبها فوضعته بين يديه فسأله أصحابه عن ذلك فأخبرهم بقولها وحاجتها وقال: إنها جاءت بهذا المال شكرا وزادا، وفي حديث قتادة أن الخطافة جاءته برجل جرادة فوضعتها بين يدي سليمان وقالت: جئت بها هدية وشكرا لك على صنيعك فإنه "امن لا يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل" (1) وعن ابن عباس أنه قال: إن الله تعالى لما رد الملك على سليمان بعث في طلب صخر المارد فأتى به فأوئقه بالحديد ثم آمر بصخرة فجوفتها الشياطين وأدخله فيها وشد رأسه بالحديد وألقاه في البحر وذلك قوله تعالى: واخين مقرنين فى الأضفاد (ص: الآية 38) وعن السنبي أنه قال : "سيخرج في آخر الزمان شياطين أوثقها سليمان بن داود يعلمونكم دينكم شتى فلا تقبلوا منهم" ثم إن سليمان أخذ في بناء بيت المقدس وأراد أن يبنيه بناء لم يبن مثله ففرق الشياطين والجن في أنواع الأعمال حتى بناه بناء عجبا وزين جدرانه وحيطانه بصحائف الذهب والفضة وركب فيه اللآلىء الثمينة والجواهر الفاخرة من اليواقيت والزمرد وغير ذلك وكذلك سماواته وفرشه بالرخام الأبيض وجعل حصباه من الدر والياقوت والمرجان وكان بناء لم يسمع في قديم الزمان بمثله قال فتسامعت به الملوك في الأطراف فحسدوه على ذلك، ولكنهم لم يجترثوا على شيء بسبب سليمان وهيبته وما سخر الله تعالى له من الجن والإنس والشياطين وأنواع الذواب والريح والسحاب، ولما أن فرغ من بنائه مع الناس فخطبهم ووعظهم وذكر لهم متة الله تعالى عليهم فيما رزقهم من بناء ذلك الموضع الشريف وعمل لهم طعاما، ثم أمر بالقرابين الكثيرة فوقعت عند الصخرة، ثم قام على الصخرة ودعا فقال: اللهم أنت الذي وهبت وأنت الذي من قبل ما وهبت لي وجعلت داود خليفة لك في أرضك وجعلتني وارثه من بعده، ولك الحمد والمن والطول اللهم إني أسألك لمن دخل هذا المسجد خمس خصال إحداها أن لا يدخل مذنب لطلب التوبة إلا قبلت توبته ولا يدخل خائف لطلب الأمن إلا أمنت روعته، وأن لا يدخل سقيم لطلب الشفاء إلا شفيت سقمه ولا يدخله محتاج لطلب حاجته فيها صلاح إلا قضيت حاجته ولا يدخله مقحوط للاستسقاء إلا سقيته اللهم وإن أجبت دعواتي فاجعل علامة ذلك قبول قرباني فنزلت نار من السماء وامتد عنق منها فاحتمل القربان فذهب به إلى (1) ابن حتبل، أحمد بن محمد بن حنبل (ت 241 ها: المسند، مطبعة الحلبي، القاهرة، 1313ه 28512 رقم 2521.
Page 273