Histoire des prophètes

Al-Khatib Al-Baghdadi d. 463 AH
159

============================================================

ذكر موسى عليه السلام الصغير؟ قالت: أخبىء فيه ابنا لي وكرهت أن تكذب، ويقال: لا، بل قالت: قد هلك لي ابن وأنا أريد أن أدفنه فيه، فاشترت التابوت، قال: فلما انطلقت بالتابوت ذهب النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمر موسى وأمه فلما هم بالكلام أمسك الله لسانه فلم ينطق كلاما فجعل يشير بيده فلم يدر الذباحون ما يقول فضربوه وبعدوه فلما انتهى إلى مكانه أطلق الله لسانه فخرج إليهم ليخبرهم فلما أتاهم أمسك الله لسانه فضربوه كذلك ثلاث مرات فعاهد الله في الثالثة إن أطلق الله لسانه لا يعود إلى فعله فرد الله عليه لسانه فخر لله ساجذا وألقى الله في قلبه أنه المولود الذي ذكر لفرعون فآمن به وصدقه في ذلك الوقت، ثم إن أم موسى مهدت لموسى في التابوت ولفته في خرقة وغسلت وجهه وكحلته وأطعمته وأرضعته وجعلته في التابوت وأطبقته عليه، قال: فنظرت السحرة والكهنة والمنجمة إلى نجم موسى قد غاض وخفي ذلك حين أدخلته أمه في التابوت ففرحوا بذلك، وظنوا أنه هلك وسارعوا بالبشارة إلى فرعون، وقالوا له: أبشر أيها الملك إن نجم المولود الذي كنت تحذره قد غاض وذهب، ففرح فرعون وذهب عنه الغم وأمر لهم بالجوار العظام والرجوع إلى منازلهم فرجعوا ويروى أنه كان لفرعون ابنة ولم يكن له ولد غيرها ولم تكن من آسية وكانت لها كل يوم ثلاث حوائج عند فرعون وأنه ظهر بها برض شديد فجمع فرعون لها الأطباء والكهنة فلم يقدروا لها على علاج ثم إن الكهنة قالوا له: إنها لا تبرأ إلا من قيل الماء فإنه يوجد من النيل شيء على صورة الإنسان فيؤخذ من ريقه ويلطخ على برصها فتبرا وذلك يكون في يوم كذا وشهر كذا عند شروق الشمس. قالوا: ثم إن فرعون جلس يوم الاثنين على مجلس كان يجلس فيه على شاطىء النيل ومعه امرأته آسية إذا أقبلت ابنة فرعون مع جواريها وهي تنضح عليهن الماء وتلاعبهن وكانت أم موسى عمدت إلى التابوت فقذفته في النيل وجرى الماء بالتابوت، فلما توارى عنها جاءها الشيطان فأقلقها فقالت في نفسها: لو ذبح ابني بين يدي لكنت أكفنه وأدفنه بيدي كان أسلى لقلبي من أن ألقيته في الماء فتأكله دواب البحر، فكادت تبدي أمرها للناس من الجزع حتى ربط الله على قلبها بالصبر فذلك قوله تعالى: وأصبح فؤاد أو موسن فكرفا إن كادت لنبد يهه لولا أن ريطنكا على قلبها} (القصص: الآية 10] واحتمل الماء بالتابوت إلى قرب مجلس فرعون فتعلق بشجرة هنالك فأبصر به فرعون فقال شيء أراه في الماء فأتوني به فأخذه أعوانه فأتوه به، ويقال: لا بل أخذته جواري ابنة فرعون حين تعلق بالشجرة فجثن إلى امرأة فرعون فأرادوا فتحه فلم يقدروا حتى عالجته آسية ففتحته ورأت نوزا ساطعا من التابوت، فلما نظرت إذا هي بصبي أحسن ما رأى الناس وأبهاه وأجمله وإذا إبهامه في فيه يمصها لبنا فألقى محبته في قلبها حتى لم يبق لها عضؤ ولا شعرة إلا مالت إليه

Page 159