Histoire de la littérature en langue arabe
تاريخ آداب اللغة العربية
Genres
قال: فسار الشعر وشاع في العرب، فما أتت على المحلق سنة حتى زوج أخواته الثلاث كل واحدة على مائة ناقة، فأيسر وشرف. وقال ابن رشيق: «وكانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها بذلك، وصنعت الأطعمة، واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في الأعراس، وتتباشر الرجال والولدان؛ لأنه حماية لأعراضهم، وذب عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشارة لذكرهم، وكانوا يهنئون إما بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج.» (2) تأثير الإسلام على الشعر
وفي أول الإسلام انصرف العرب عن الشعر بما شغلهم من أمر الدين والنبوة والوحي، وما أدهشهم من أسلوب القرآن ونظمه، ولكنهم رجعوا إليه لما علموا أن لا حظر عليه فيما أتاهم به النبي، بل رأوه - عليه الصلاة والسلام - يسمعه ويثيب عليه، فقد أجاز كعب بن زهير بردا حين مدحه بقصيدته التي أولها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
ويروى أن كعبا باع البردة إلى معاوية بعشرين ألف درهم. قال عمر بن الخطاب: «كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه.» فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب وتشاغلوا بالجهاد وغزو فارس والروم، ولهت عن الشعر وروايته، فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح واطمأنت العرب بالأمصار راجعوا رواية الشعر، فلم يئولوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب وألفوا ذلك، وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل فحفظوا أقل ذلك وذهب عنهم كثير. وقد كان عند آل النعمان بن المنذر منه ديوان فيه أشعار الفحول وما مدح به هو وأهل بيته، فصار ذلك إلى بني مروان أو ما صار منه. وبعد الإسلام بزمن لما كثر تمدن العرب وتحضرهم واختلاطهم بأهل الأمصار أخذ الشعراء في التأنق في الشعر فرق وحسن ولبس صبغة غير صبغته التي كان عليها عصر الجاهلية. وبالإجمال حضارة الإسلام سلت عن الشعر رداء المعاظلة والحوشية، وألبسته حلل الرقة والملاحة، انظر إلى قول جرير:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله إنسانا
ومما كان يساعد على ترقي الشعر أن الخلفاء والأمراء كان يثيبون الشعراء المجيدين ويقربونهم من مجالسهم؛ فكان الشاعر ينفتق لسانه بالشعر المليح رغبة في الجائزة أو طمعا في الجاه، وقد ينتجع بشعره قاصدا الممدوح مع بعد المشقة طلبا لنواله. وقد انتجع أبو نواس من بغداد قاصدا الخصيب بن عبد الحميد، أمير مصر من قبل الرشيد، ومدحه بقصيدته التي أولها:
Page inconnue