Histoire de la littérature en langue arabe
تاريخ آداب اللغة العربية
Genres
وبعد سقوط بغداد انتقل تقدم العلوم والكتابة إلى مصر إلى أن ظهرت الدولة العثمانية بالقسطنطينية، فارتقت فيها الخطوط إلى أقصى درجات الحسن والكمال، واشتهر عندهم من الخطوط: الثلث والنسخ والتعليق والريحان والمحقق والرقاع والديواني. ومن أشهر كتابهم المتأخرين حمد الله المعروف بابن الشيخ، والحافظ عثمان، ومحمود المعروف بجلال الدين، والسيد الحاج محمد المعروف بشكرزاده. ومن أشهر كتاب مصر المعاصرين: محمد أفندي مؤنس، ومحمد أفندي جعفر، واشتهر قبلهما عبد الله بك زهدي. والآن نرى حسن الخط وتقدمه في حواضر الدولة العلية والعجم. وفي المكتبة الخديوية كثير من المصاحف القرآنية قديمة وحديثة يؤخذ من الاطلاع عليها سير الخط وترقيه؛ منها مصحف مكتوب بالخط الكوفي على رق غزال، إلا أن يد الزمان أضاعت بعض صفحاته وأبلت البعض الآخر، واستحضر هذا المصحف من جامع عمرو بن العاص، ويقال: إنه مصحف سيدنا عثمان بن عفان وأنه الذي كان بين يديه يوم الدار، وأنه استخرج من خزائن المقتدر، فأخذه أبو بكر الخازن وجعله في جامع عمرو، ويحتمل أن يكون المصحف الذي أرسل إلى مصر في عهد الخليفة. ومنها نصف مصحف مكتوب بالخط الكوفي على رق غزال، يقال إنه بخط الإمام جعفر الصادق المولود سنة 80، والمتوفى سنة 148 من الهجرة. وهذا وما قبله ليس بهما نقط ولا إعجام. ومنها مصحف مكتوب بخط مغربي من وقف الأمير محمد بك أبي الذهب. ومنها جزء أول سورة الحجر بقلم نسخ يقال إنه بخط «ابن مقلة» في شهور سنة 308، وهو ذو جداول ومحلى بالذهب. ومنها مصحف بقلم ياقوت المستعصمي فرغ من كتابته سنة 690. ومنها مصحف بالقلم الريحاني فرغ من كتابته «عبد الرحمن بن الصائغ» سنة 814، وهذا المصحف وقف السلطان فرج ابن السلطان برقوق المتوفى سنة 815. ومنها مصحف بقلم «حمد الله» المتوفى في القرن الحادي عشر الهجري. ومنها مصحف بقلم «الحافظ عثمان» فرغ من كتابته سنة 1083، وآخر مطبوع مأخوذ بالمصورة الشمسية (الفوتوغرافية) من مصحف فرغ من كتابته سنة 1094، وقد أخذت مصاحف الحافظ عثمان شهرة فائقة وللناس فيها رغبات زائدة. وفي المكتبة الخديوية أيضا مجموعات خطوط بأقلام كثيرين من مشاهير الكتاب، منها مجموعات خطوط مطبوعة ومأخوذة بالمصورة من خط محمود جلال الدين، كتب بعضها سنة 1109، ومجموعاته المطبوعة تتخذ الآن أساليب لتعليم الخطوط في المدارس المصرية.
ولا ريب أن النساخين في العصر السالف كانوا يفنون أعمارهم النفيسة في نسخ القليل من الكتب، فضلا عن المشاق التي كانوا يكابدونها في النسخ؛ ولذا كانت كتبهم غالية القيمة جدا، وأما الآن فالمطابع نسخت كل هذه الصعوبات وقربت البعيد، وجعلت الكتب سهلة الحصول للغني والفقير. والذي اخترع فن الطباعة رجل جرماني يسمى «يوحنا غوتمبرج» في القرن الخامس عشر الميلادي (راجع الجزء الثاني من كتابنا «دروس الأشياء»).
الفصل الثالث
في الحروف ونقطها
حروف الخط العربي أثرت عن السلف مرتبة ترتيبين: ترتيب «أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ»، وترتيب «أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و لا ي»، وعلى الترتيب الأول نرى عددها 28 حرفا، وعلى الثاني 29 حرفا، فإن فيه أول حرف عبارة عن الألف اليابسة وهي الهمزة التي تقبل الحركات، وأما الألف اللينة التي لا يمكن النطق بها على حدتها، فجاء بها معتمدة على اللام في «لا»، ويحقق ذلك أنه وسطها بين حرفي العلة الواو والياء بخلاف الترتيب الأول، فإنه أدرج قسمي الألف في أول الحروف. وإذا تأملت في الترتيب الثاني تراه في الأغلب جمع الحروف المتقاربة في الصورة الخطية أو النطق بعضها بجانب بعض بخلاف الترتيب الأول، لكنهم يبنون عليه ما يسمونه بحساب الجمل؛ فيجعلون من الألف إلى الطاء للآحاد، ومن الياء إلى الطاء للعشرات، ومن القاف إلى الظاء للمئات، ويحسبون الغين بألف. وكلا الترتيبين مبدوء بالألف؛ قيل: لأنها من أقصى الحلق وهو مبدأ المخارج، وقيل: لاستقامته كما أشار إلى ذلك يحيى بن زياد في قوله:
ألف الكتابة وهو بعض حروفها
لما استقام على الجميع تقدما
ويظهر أن تعليم الهجاء على ترتيب «أبجد» سابق على الترتيب الآخر، حكي عن عمر بن الخطاب أنه لقي أعرابيا فقال له: هل تحسن أن تقرأ شيئا من القرآن؟ فقال: نعم. قال: فاقرأ أم القرآن! فقال: والله ما أحسن البنات فكيف الأم؟ قال: فضربه ثم أسلمه إلى الكتاب، فمكث فيه حينا، فهرب ثم أنشأ يقول:
أتيت مهاجرين فعلموني
ثلاثة أسطر متتابعات
Page inconnue