أمثلة من هذه الأسباب:
من نوادر اختلاف العرب في لغتهم للأسباب اللسانية، هذه الأمثلة:
١- من العرب من يحرك آخر الكلمة بحركة الحرف الذي قبله مطلقًا في الفتح والضم والكسر، فيقول في "رُدّ مالي": "رد مالي" كما يقول: "عَضّ" يحرك الضاد كتحريك العين، ويقول في نحو: فر يا غلام واطمئن واستعد: "فر واطمئن واستعد" وهلم جرا.
٢- وكذلك يفعلون إذا اتصل الفعل بضمير غير الهاء؛ فإن جاءت الهاء والألف فتحوا أبدًا؛ لأن الهاء خفيفة فكأنها لا تنطق، فيقولون: ردها وأمدها؛ يعتبرون أنفسهم لخفة الخاء المفتوحة عندهم كأنهم قالوا: رد وأمد، والألف بالطبع تقتضي الفتحة.
وأما إن كانت الهاء مضمومة فإنهم يرجعون لطبيعتهم فيضمون ما قبلها وعلى ذلك يقولون في "مَدَّهُ وعَضَّهُ": "مَدُّهُ وعَضُّهُ" كلغة العامة، وسمع الأخفش ناسًا من بني عقيل يقولون: "مَدِّهِ وعَضِّهِ".
٣- زعم الخليل أن ناسًا من بكر بن وائل يقولون في نحو: رددْن ومررْن ورددْت ومررْت: رَدَنَ ومَرَّنَ ورَدَّتُ ومَرَّتُ. وهذا الفعل المضاعف إذا كان آخره مفتوحًا نحو: ردّ ومدّ، فالعرب مجمعون على الإدغام وذلك فيما زعم الخليل أولى به؛ لأنه لما كانا -أي: الحرفان اللذان صارا حرفًا مشددًا- من موضع واحد، ثقل عليهم أن يرفعوا ألسنتهم من موضع ثم يعيدوها إلى ذلك الموضع للحرف الأخير؛ فلما ثقل عليهم ذلك أرادوا أن يرفعوا رفعة واحدة، وذلك قولهم: ردِّي وضارّي، إلى سائر تصاريف الفعل.
٤- قال سيبويه: فإذا كان حرف من هذه الحروف -المدغمة- في موضع تسكن فيه لام الفعل نحو: رُدّ "فعل الأمر"، فإن أهل الحجاز يضاعفون "لا يدغمون"؛ لأنهم أسكنوا الآخر، فلم يكن بد من تحريك الذي قبله؛ لأنه لا يلتقي ساكنان؛ وذلك قولهم: أُرْدُدْ، وإن تُضارِرْ أُضارِرْ، وإن تستعدد أستعدد؛ يدعونه على حاله ولا يدغمونه. وأما بنو تميم فيدغمون المجزوم كما أدغموا إذا كان الحرفان متحركين، فيقولون: رُدَّ يا فتى، وإن تضارّ أضارّ إلخ. وهي اللغة المأنوسة في الفصيح.
٥- قال سيبويه في باب ما شذ من المضاعف: إنهم يقولون: أحست يريدون أحسست؛
1 / 68