المجلد الأول
مقدمات
تصدير
...
باب المقدمات:
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير: بقلم محمد سعدي العرنان*
ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب في سنة ١٣٢٩هـ-١٩١١م، أي: منذ ثلاثين سنة تقريبًا؛ ولم يطبع بعدها إلا اليوم، على كثرة طلابه وشدة الحاجة إليه.
ولقد يكون مما يشوق القارئ أن يعلم أن مؤلفه قد ألفه وسنه ثلاثون سنة، وهي سن قلما يتهيأ فيها لشاب أن يحصل من أبواب العلم باللغة ما اجتمع للرافعي في هذا الكتاب؛ فضلًا عن أن يكون له فيما حصل من ذلك رأي وموازنة واستنباط تهيئ له أن يؤلف ويخرج برأيه للناس في كتاب!
على أنه كتاب أول كتاب في فنه؛ فما رأى قراء العربية كتابًا علميا في "تاريخ آداب العرب" قبل هذا الكتاب وكتاب جورج زيدان؛ وإنما كان يكتب الكاتبون من معلمي المدارس في هذا الفن -قبل هذين الكتابين- مذكرات لتلاميذهم على نسق خاص يحدده منهج التعليم؛ ليحفظوها فيجوزوا بها الامتحان؛ ولم تكن أبواب هذا الفن محدودة الأصول والفروع على ما يعرف القراء في هذا الكتاب والكتب من بعده، ولكنها كانت تأريخ وفيات وبعض مختارات من شعر الشعراء، ونثر الكاتبين والخطباء، مقسمة على التاريخ الزمني كما لا يزال إلى اليوم في بعض دور التعليم.
ولم يكن للرافعي في الأدب قبل هذا الكتاب رأي ذو خطر أو دراسة ذات أثر أو جولان في باب من أبواب الكتابة، وإنما كان مقصورًا على الشعر معنيا به مؤملًا أن يكون له فيه منزلة تخمل ذكر فلان وفلان من شعراء عصره؛ وقد بلغ في ذلك مبلغًا، لذلك كان عجيبًا أن يحيد الرافعي عن مذهبه في الشعر إلى الكتابة والتأليف، وكان أعجب أن يبلغ وهو في أول الطريق ما بلغ بهذا الكتاب!
وإنما لكل شيء سبب، والسبب الذي عاج بالرافعي عن مذهبه في الشعر إلى هذا المذهب في التأليف؛ هو إنشاء الجامعة المصرية في سنة ١٩٠٧م.
ويعرف القراء مما ذكرت في "حياة الرافعي" أنه لم يحصل من الشهادات العلمية غير "الابتدائية"، إذ قطعته بوادر العلة التي وقرت أذنيه عن المدارس، فلزم داره يدرس نفسه ويعلم نفسه حتى حصل ما حصل وظل يطلب المزيد، فلما أنشئت الجامعة المصرية تطلع إلى ما يقال هناك في دروس الأدب، لعله يجد فيه الجديد الذي يتشوف إليه ويطلبه.
ومضى على إنشاء الجامعة سنتان وما استحدثت شيئًا في الأدب يفتقر إليه الرافعي وما تحدث
_________
* هذا التصدير كان للطبعة الثانية.
1 / 5