فصيّر (١) إلى تنّيس صاحبا له من الكتّاب يعرب بابن الفهمي، وتقدّم إليه ببيع ما بقي منها، وأن يستظهر على مشتريين (٢) أوقاف الكنائس (٣) يأخذ النصف من الثمن، فمن (٤) كان ابتاع شيئا بمائة دينار قبض منه للسلطان (٥) خمسين دينارا، فأخذ من الناس مالا واسعا [وجعل من ذلك جملة كثيرة] (٦)، وهرب جماعة من منازلهم خوفا من الغرم والمصادرة. ولمّا شاهد النّصارى تفاقم الحال والهلاك الواقع بوقف تنّيس عدل بعضهم بعضا (٧)، واتّفقت كلمتهم، ورجعوا إلى كنيسة واحدة، إلاّ أنّ نفوس أكثر أهل تنّيس لم تزل مستوحشة من الأسقف ثاوفيلس بن الشقيّ.
[المسلمون واليهود يهدمون كنيسة بعسقلان]
وثار المسلمون (٨) بعسقلاّن على كنيسة كبيرة بها تعرف بكنيسة مريم الخضرا، فهدموها ونهبوا جميع ما فيها وأحرقت، وعاضد المسلمين اليهود في هدمها، وكان اليهود يشعلون النار في الحطب ويجرّونه بالبكر إلى أعلى السقوف حتى يحرقونها وينحلّ رصاصها ويقع عمدها. وخرج أسقفها إلى مدينة السلام متوسّلا/٨٤ ب/في ردّها، فلم ينجح له في ذلك سعي وخربت الكنيسة وبقيت على حالتها. وتوافق المسلمون من أهل عسقلان أن لا يمكث (٩) بهذا، فأقام بالرملة إلى أن مات (١٠).
...
_________
(١) في نسختي بترو و(ب) «فسيّر».
(٢) كذا، والصواب «مشتري».
(٣) في (ب) «الكنيسة».
(٤) في الأصل وطبعة المشرق ٩٦ «ممن» وما أثبتناه عن نسختي بترو و(ب).
(٥) في (ب) «السلطان».
(٦) ما بين الحاصرتين زيادة من بترو.
(٧) في بترو زيادة «وتفرّقت أجزيهم».
(٨) في الأصل وطبعة المشرق ٩٦ «المسلمين»، والتصويب من (ب).
(٩) في بترو: «يمكنوا» وفي (ب): «ألاّ يمكّنوا».
(١٠) ورد هذا الخبر في «تاريخ الأزمنة»، للدويهي، بقوله: «وفيها (أي السنة المذكورة) ثار المسلمون على كنيسة ستّنا مريم التي بعسقلان، وتعرف بالخضراء، فنهبوا جميع ما فيها ثم هدموها، وكان ذلك بمعضدة اليهود الذين بالبكرات كانوا يصعدون الحطّاب لسقوفها حتى-
1 / 28