92

مضى له من المدة ما مضى وهو طين صلصال كالفخار، وأراد عز وجل أن ينفخ فيه الروح، تقدم إلى الملائكة فقال لهم: إذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين.

فلما نفخ فيه الروح أتته الروح من قبل رأسه، فيما ذكر عن السلف قبلنا أنهم قالوه.

ذكر من قال ذلك:

حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي- في خبر ذكره- عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس- وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود- وعن ناس من اصحاب النبي ص: فلما بلغ الحين الذي أراد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح، في رأسه عطس، فقالت الملائكة: قل الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله عز وجل له: رحمك ربك فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول: «خلق الإنسان من عجل» ، «فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين» ، «أبى واستكبر وكان من الكافرين» ، فقال الله له: «ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك» لما خلقت بيدي، قال: أنا خير منه، لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين، قال الله له: «فاهبط منها فما يكون لك» - يعني ما ينبغي لك- «أن تتكبر

Page 94