Tarih
تاريخ
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م (وأعادوا طباعتها بالتصوير مِرار)
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Histoire
والقرآن والدّين ولك ما شئت بعدهما وأيضا فقد كان من العلم والسّذاجة بمكان لقرب عهده من سلفه المنتحلين لذلك ولم يكن بينه وبين جدّه أبي جعفر بعيد زمن إنّما خلّفه غلاما وقد كان أبو جعفر بمكان من العلم والدّين قبل الخلافة وبعدها وهو القائل لمالك حين أشار عليه بتأليف الموطّإ يا أبا عبد الله إنّه لم يبق على وجه الأرض أعلم منّي ومنك وإنّي قد شغلتني الخلافة فضع أنت للنّاس كتابا ينتفعون به تجنّب فيه رخص ابن عبّاس وشدائد ابن عمر ووطّئه للنّاس توطئة قال مالك فو الله لقد علّمني التّصنيف يومئذ ولقد أدركه ابنه المهديّ أبو الرّشيد هذا وهو يتورّع عن كسوة الجديد لعياله من بيت المال ودخل عليه يوما وهو بمجلسه يباشر الخيّاطين في إرقاع [١] الخلقان من ثياب عياله فاستنكف المهديّ من ذلك وقال يا أمير المؤمنين عليّ كسوة هذه العيال عامنا هذا من عطائي فقال له لك ذلك ولم يصدّه عنه ولا سمح بالإنفاق فيه من أموال المسلمين فكيف يليق بالرّشيد على قرب العهد من هذا الخليفة وأبوّته وما ربّي عليه من أمثال هذه السّير في أهل بيته والتّخلّق بها أن يعاقر الخمر أو يجاهر بها وقد كانت حالة الأشراف من العرب الجاهليّة في اجتناب الخمر معلومة ولم يكن الكرم شجرتهم وكان شربها مذمّة عند الكثير منهم والرّشيد وآباؤه كانوا على ثبج [٢] من اجتناب المذمومات في دينهم ودنياهم والتّخلّق بالمحامد وأوصاف الكمال ونزعات العرب. وانظر ما نقله الطّبريّ والمسعوديّ في قصّة جبريل بن بختيشوع الطّبيب حين أحضر له السّمك في مائدته فحماه عنه ثمّ أمر صاحب المائدة بحمله إلى منزله وفطن الرّشيد وارتاب به ودسّ خادمه حتّى عاينه يتناوله فأعدّ ابن بختيشوع للاعتذار ثلاث قطع من السّمك في ثلاثة أقداح خلط إحداها باللّحم المعالج بالتّوابل والبقول والبوارد والحلوى وصبّ على الثّانية ماء
_________
[١] الأصح أن يقول في رقع الخلقان أو في ترقيعها. والخلقان الثياب البالية (قاموس) .
[٢] الثبج من كل شيء: معظمه، أعلاه ووسطه ومنه حديث عبادة: يوشك أن يرى الرجل من ثبج المسلمين أي من وسطهم، وقيل: من سراتهم وعليتهم (قاموس)
1 / 24