Tareekh Nuzool Al-Quran
تاريخ نزول القرآن
Maison d'édition
دار الوفاء - المنصورة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م
Lieu d'édition
مصر
Genres
من العلماء، ويرى بعض المحدثين أنه أمثل الآراء، ويعلل ذلك بأنه وردت أحاديث تفيد ترتيب البعض- كما مر بنا في الرأى السابق والقائل بالتوقيف- وخلا البعض الآخر مما يفيد التوقيف بل وردت آثار تصرح بأن الترتيب فى البعض كان عن اجتهاد، كالحديث السابق المروى عن ابن عباس ﵄، ولكن المؤيدين لهذا القول اختلفوا فى السور التى جاء ترتيبها عن توقيف، والسور التى جاء ترتيبها عن اجتهاد، فقال القاضى أبو محمد ابن عطية: إن كثيرا من السور قد علم ترتيبها فى حياة النبى ﷺ كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وأما سوى ذلك فيمكن أن يكون فوّض الأمر فيه إلى الأمة بعده.
وقال أبو جعفر بن الزبير: الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى فيها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف كقوله ﷺ: اقرءوا الزهراوين: البقرة وآل عمران» رواه مسلم. وكحديث سعيد بن خالد: قرأ رسول الله ﷺ بالسبع الطوال فى ركعة، رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه وفيه: أنه- ﵊ كان يجمع المفصّل فى ركعة.
وروى البخارى عن ابن مسعود أنه قال: قال ﷺ فى بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء: «إنهن من العتاق الأول وهن من تلادى»، والعتاق: جمع عتيق وهو القديم من كل شىء، والمراد بالعتاق- هنا: ما نزل أولا، والتّلاد ضد الطارف وهو:
المستحدث من المال ونحوه، والمراد بالتلاد هنا: ما نزل أولا- أيضا- وفى الحديث:
«هن من تلادى» يعنى: السور أى من الذى أخذته من القرآن قديما. فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
وفى صحيح البخارى أنه ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ: «قل هو الله أحد، والمعوّذتين».
القول الثالث: فيرى أن ترتيب السور كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم، وينسب هذا القول إلى جمهور من العلماء منهم: مالك والقاضى أبو بكر فيما اعتمده من قوليه، وإلى هذا المذهب يشير ابن فارس فى كتاب المسائل الخمس بقوله:
جمع القرآن على ضربين:
أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين فهذا هو الذى تولّته الصحابة ﵃، وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات فى السور فذلك شىء تولاه النبى ﷺ كما أخبر به جبريل عن أمر ربه ﷿. ودليلهم على هذا ما يلى:
1 / 67