L'éducation et l'enseignement en Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genres
ويظهر أنه قد كانت ثمة بعض الوظائف الأخرى التي سقط ذكرها من النسخة المطبوعة للخطط المقريزية، فإن مرتب الوظائف التي ذكرها أقل من مجموع المبلغ الموقوف وقدره (275) دينارا.
وقد استمرت هذه الدار على نشاطها التعليمي إلى عهد الوزير الأفضل ابن أمير الجيوش؛ فإنه أمر بإغلاقها في ذي الحجة سنة 516ه، وإنما فعل ذلك لأنها حادت عن الطريق التي وجدت من أجله وهو الدعاوة للمذهب الفاطمي. فقد حدثنا المقريزي عن ابن المأمون المؤرخ المصري أنه قال: وفي هذا الشهر - يعني ذا الحجة سنة 516ه - جرت نوبة القصار وهي طويلة، وأولها من الأيام الأفضلية، وكان منهم رجلان يسمى أحدهما بركات والآخر حميد بن مكي الأطفيحي القصار مع جماعة يعرفون بالبديعية، وهم على الإسلام والمذاهب الثلاثة المشهورة، وكانوا يجتمعون في دار العلم بالقاهرة، فاعتمد بركات من جملتهم من استفسد عقول جماعة وأخرجهم عن الصواب، وكان ذلك في أيام الأفضل، فأمر للوقت بغلق الدار والقبض على المذكور ... في قصة طويلة خلاصتها أن بركات هذا وحميدا قد أخذا ينشران بين زوار الدار أفكارا تنافي المذهب الفاطمي فيها شيء من مذهب الأشعري والتصوف ومذهب الشافعي والحنفي والمالكي، وكان أصحاب هذا المذهب يسمون بالبديعية، وأخذ الناس وفيهم بعض مماليك دار الخلافة يعتنقون البديعية، فخشي الوزير الأفضل مغبة ذلك فأمر بغلق الدار.
وقد ظلت هذه الدار مغلقة طول عمر وزارة الأفضل، فلما مات أمر الخليفة الآمر بأحكام الله وزيره المأمون بن البطائحي بإعادة فتحها على الأوضاع الشرعية. ثم عاد حميد القصار ... فأفسد عقول بعض الجماعات وادعى الربوبية، فحضر الداعي ابن عبد الحقيق إلى الوزير المأمون وعرفه بأن هذا قد تعرف بطرف من علم الكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري ثم انسلخ عن الإسلام وسلك طريق الحلاج في التمويه ... فرسم المأمون بالقبض عليه وعلى جميع أصحابه وقتلوا سنة 517ه.
ويقول ابن عبد الظاهر مؤرخ مصر: «... وكان لإبطالها أمور سببها اجتماع الناس والخوض في المذاهب والخوف من الاجتماع على المذهب النزارني.»
114
ولم يزل الخدام يتوصلون إلى الخليفة الآمر بأحكام الله حتى تحدث في ذلك مع الوزير المأمون ... فأجاب المأمون إلى ذلك وقال بشرط أن يكون متوليها رجلا دينا والداعي الناظر فيها، ويقام فيها متصدرون برسم قراءة القرآن، فاستخدم فيها أبو محمد حسن بن آدم، فتولاها وشرطا عليه ما تقدم واستخدم فيها مقرئون.
115
وقد عقد المقريزي لدار العلم الثانية هذه بابا خاصا عنوانه «دار العلم الجديدة»، وقال إنها كانت بجوار القصر الكبير الشرقي، وإنها فتحت بعد مقتل الوزير الأفضل، وأن الوزير المأمون امتنع من إعادتها في موضعها الأول بباب التبانين، ففتحت في جوار القصر في ربيع الأول سنة 517 وأنها لم تزل عامرة إلى أواخر عهد الدولة الفاطمية.
116
ولا شك في أن هذه المؤسسة بخزانتها ورجالاتها كانت مفتوحة لنشر المذهب الفاطمي؛ فقد اهتم الفاطميون بنشر مذهبهم الديني لأنه كان السبب في فرض سلطانهم السياسي، فأذاعوا عقائدهم على جماهير المستجيبين وأعانوا العلماء وأجزلوا لهم العطاء، وجعلوا من دار العلم هذه مركزا من مراكز الدعوة يلقي العلماء فيه الدروس والمحاضرات على الدعاة والعامة، كما أنهم قد جعلوا جانبا من جوانب قصرهم مركزا من مراكز الدعوة، وهو المعروف «بالمحول»، وفيه كانت تلقى المحاضرات والدروس على الخاصة ورجالات الدولة. ويذكر ابن خلكان أن الخليفة الظاهر بن الحاكم بأمر الله قد أمر الناس بحفظ كتاب «دعائم الإسلام» للقاضي النعمان، وأنه جعل لمن حفظه مالا كثيرا، ويذكر أيضا أن الوزير يعقوب بن كلس ألف كتابا في الفقه الفاطمي ورتب لنفسه مجلسا في كل ليلة جمعة يقرأ فيه مصنفاته على الناس، وكان يحضر هذا المجلس جماعة من كبار رجالات الدولة كالقضاة والفقهاء والقراء والنحاة وجميع أرباب الفضائل والعدول.
Page inconnue