L'éducation et l'enseignement en Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Genres
وفريق ثالث:
وهو غالبية الباحثين من العرب والمسلمين، يرون أن المعاهد الإسلامية قد وجدت منذ صدر الإسلام، وأن الرسول كما اتخذ من صحن بيته الساذج البسيط في حيطانه وسقفه مسجدا للمسلمين، كذلك اتخذ الرسول مساجد جامعة أخرى ليصلي فيها المسلمون ويقوموا بشعائر دينهم. وليس لبناء هذه المساجد أية علاقة بالكنائس المسيحية أو غيرها من أماكن العبادات عند الأمم الأخرى.
أما الفريق الأول فقد استدل أربابه على نظريتهم بأن في مساجد الإسلام الأولى آثارا مقتبسة من المعابد المسيحية، ولا نريد هنا أن نستقصي أقوال المستشرقين الذين قالوا بهذا القول، وإنما نكتفي بإيراد أقوال طائفة من كبارهم؛ يقول البروفسور هنري سلادان في كتابه عن «مسجد سيدي عقبة في القيروان»: ... إن هذا المسجد يتجه من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي، وهذا هو الأمر في كافة مساجد مدينتي سوسة وتونس، وهذا الاتجاه إنما هو اتجاه المعابد المصرية القديمة والمعابد الكلدانية ...
5
ويقول البروفسور جورج مارسيه في كتابه عن «الفن الإسلامي»: ... لا شك في أن الكنائس المسيحية التي حولها المسلمون إلى معابد كانت الأساس في ابتكار بعض حقائق المسجد الإسلامي؛ لأن شكلها لم يعارض ما يحتاجون إليه في مسجدهم ...
6
وهناك أقوال أخرى يذهب أصحابها إلى أن العمارات الإسلامية ومخططاتها وريازتها منذ فجر الإسلام راجعة إلى أصول غير عربية من مصرية أو كلدانية أو بيزنطية. وحجج هؤلاء العلماء ليست قوية كما ترى، ولا تستند على حقائق علمية ثابتة، وإنما اندفع أصحابها في الأغلب إلى القول بها إشباعا لرغباتهم التعصبية ضد الإسلام والعروبة. ثم إن هؤلاء المستشرقين جميعا قوم غرباء عن الإسلام وعن أهله، لا يستطيعون أن يدركوا حقائق حاجات أهله وخصائص أحوالهم؛ لأن للإسلام روحا وطابعا لا يستطيع أن يسبر غورهما غير العربي العالم المتضلع المسلم، ابن اللغة العربية والبيئة العربية، فكيف بالمستشرق الغربي النصراني البعيد عن روح اللغة العربية، والنائي عن البيئة الإسلامية؟! ولا أدل على ذلك من زعم المستشرق سلادان؛ فإن قوله لا يمكن أن يصدر عن باحث مهما انحطت مداركه العلمية؛ لأن الإسلام قد نص نصا لا يحتمل الجدل أو النقاش في مسألة الصلاة، وفي مسألة القبلة، وفي وجوب الاتجاه نحو الكعبة في أية بقعة من بقاع الأرض كان المصلي، وقد أجمع المسلمون - بلا خلاف - في كافة مذاهبهم على هذا الأمر، ولم يخالف فيه أحد؛ لأن الله يقول في كتابه:
وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ،
7
ولا تصح لمسلم صلاة إذا لم تكن قبلة مسجده صحيحة الاتجاه نحو المسجد الحرام. وقد تشدد الفقهاء المسلمون في هذا الأمر منذ القرن الأول في تحديد مواطن القبلة، والصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، فكيف يسوغ لأمير إقليم، أو لأي مسلم يريد أن يختط مسجدا، أو أن يقلب معبدا مسيحيا أو وثنيا إلى معبد إسلامي، أن يتساهل في أمر القبلة، أو أن يبني محرابها في اتجاه المعابد القديمة كما يزعم البروفسور سلادان في قوله عن قبلة مسجد سيدي عقبة؟ ولا شك عندي في أن ذلك البحاثة ما قال قولته إلا وهو جاهل - أو متجاهل - هذه البديهية التي يعرفها أقل المسلمين حظا من العلم والفقه. وإذا كان مسجد سيدي عقبة أو غيره من مساجد القيروان وتونس وسوسة قد انحرفت عن القبلة قليلا فإن مرجع ذلك إلى ظن المسلمين الأولين الذين اختطوا المساجد هناك أن القبلة كانت في ذلك الاتجاه، وإذا كانت جهات المساجد الإسلامية هناك قد تساوقت ووجهات المعابد الوثنية أو المسيحية هناك أو في مصر، فإن ذلك بمجرد الصدفة ليس غير.
Page inconnue