L'éducation dans l'Islam : l'enseignement selon Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Genres
ومن هنا تنطبع شخصية الصبيان بطابع المعلم إلى جانب انطباعها بشخصية زملائهم في الكتاب، بتأثير القرآن الذي يتعلمونه.
على أن تصرف المعلم لا يكون إلا في حدود هذه المعاني القرآنية. وقد يشذ بعض المعلمين عن تعاليم القرآن الصحيحة، ولكنهم قلة لا يعمل لها حساب.
فالمرجع في سلوك الصبي يكون لتأثير المعلم، وتأثير الصبيان الذين يختلط بهم، وتأثير آبائه في المنزل، والمرجع لهؤلاء جميعا هو القرآن في تلك البيئة الإسلامية. ومن صفات القرآن أنه كلام الله، لا مبدل لكلماته. وهو صريح في كثير من المسائل الأساسية في سلوك الإنسان صراحة لا تحتمل التأويل.
أما الخلاف بين الفرق الإسلامية، فهو خلاف في تأويل بعض النظريات العميقة في الإسلام. ولا يستطيع الصبيان لقصور عقولهم أن يفهموا مدى هذا الخلاف، أو ينزلوا إلى معتركه. على أن أهل السنة يأخذون الأمور على ظاهرها، ويتعمقون في التأويل إلى الدرجة التي تبعدهم عن الروح البسيط الموجود في القرآن. لذلك كان أهل السنة قريبين من قلوب العامة وأفهامهم، وقريبين من قلوب الصبيان وعقولهم أيضا.
فالسيرة الخلقية التي ينتهجها الصبي، والشخصية التي يتركب منها في الفترة التي يقضيها في الكتاب، ترجع في نهاية الأمر إلى شيء واحد هو القرآن، بالتفسير الذي يقدمه المعلم على مذهب أهل السنة.
وفي القرآن، إلى جانب النص على أخلاق عملية معينة، أسس خلقية تعد عمادا للأخلاق الحسنة أو الفضيلة. والأخلاق في خلاصتها مجموعة من الفضائل ترمي إلى الخير. والفضيلة والرذيلة، أو الخير والشر، طرفان متناقضان لا يجتمعان؛ لأن الفضيلة هي الكمال، والرذيلة هي النقص. والإنسان يحس نقصه، وهو حين يرتكب الرذائل المختلفة إنما يثبت على نفسه هذا النقص. ولكن الإنسان يحاول التخلص من النقص، ويتطلع نحو الكمال. هذا التطلع هو الرقي بنفسه. والحياة كلها ترمي إلى الرقي والكمال، وقد يصل الإنسان إلى شيء من هذا، ولكنه لا يبلغ النهاية ولا يصل إلى الذروة، لأن الكمال لله وحده؛ ولذة الإنسان في هذا السعي، وفي هذا الرقي لتحقيق المثل العليا.
ولا يتيسر الوصول إلى الفضيلة إلا بأمرين: التعليم والقدوة.
وسيرة الرسول هي قدوة المسلمين كما قال تعالى:
وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (الحشر: 7)، وقال:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر (الأحزاب: 21). لذلك كان تعليم سيرة الرسول ذا فائدة خلقية عظيمة؛ لأنه يضرب الأمثال للصبيان في الأخلاق الفاضلة. وكذلك تاريخ العرب وهو المعروف بأيام العرب وأخبارها، والذي نص عليه القابسي وغير القابسي من المربين مع المواد التي يتعلمها الصبيان، إنما الغرض منه سوق العبر الفاضلة، والعظات الخلقية التي يقتدي بها الصبيان.
Page inconnue