L'éducation dans l'Islam : l'enseignement selon Al-Qabisi

Ahmad Fuad Ahwani d. 1390 AH
115

L'éducation dans l'Islam : l'enseignement selon Al-Qabisi

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Genres

ونخص من الفقهاء محمد بن سحنون الذي استقى منه القابسي وذكر عنه ونقل منه. جاء في كتاب (آداب المعلمين) لمحمد بن سحنون: «وعن ابن عباس قال: قال رسول الله: «أشرار أمتي معلمو صبيانهم أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المسكين.» قال محمد (أي ابن سحنون) وإنما ذلك لأنه يضربهم إذا غضب، وليس على منافعهم؛ ولا بأس أن يضربهم على منافعهم، ولا يجاوز بالأدب ثلاثا، إلا أن يأذن الأب في أكثر من ذلك إذا آذى أحدا. ويؤدبهم على اللعب والبطالة، ولا يجاوز بالأدب عشرة.»

11

من هنا يتبين أن الضرب لمنفعة الصبي، وأن يكون فيه من الرفق ما يؤدي إلى التأديب ولا يتعداه إلى غير ذلك، فيتم الزجر المطلوب من العقاب وينتهي الأمر بعد ذلك إلى الصلاح. (6) العقوبة الواعظة

من أغراض العقوبة في الإسلام عظة الغير، وقيل في المثل السائر: «السعيد من اتعظ بغيره.» ومعنى ذلك أن الضرب الذي يوقع على الصبي، يكون عظة وعبرة لغيره من الصبيان، إلى جانب ما في عقوبة الضرب من زجر للصبي المضروب.

والإسلام يقرر هذا المبدأ في العقوبة حيث قال تعالى:

وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (النور: 2). والغرض من هذه المشاهدة مزدوج؛ هو التشهير بالمذنب من جهة، وضرب المثل للغير من جهة أخرى.

أما الأثر الذي يلحق المجرم حين يعذب أمام طائفة من الناس فهو الفضيحة بينهم. وسبق أن ذكرنا أن حب التسلط والسيطرة فطرة في الإنسان، ولا شك أن العقاب الذي يقع بالمرء في مواجهة غيره، يذهب بمنزلته ويسقط من قدره. والمرء يحب الاحتفاظ بسلطانه، وتأكيد احترامه.

أما المشاهدون لهذه العقوبة، فالتأثير فيهم لا يقل عن الأثر الذي يلحق بالمذنب. ذلك أن الألم ينتقل إلى الناس كالعدوى بدافع المشاركة الوجدانية أو التعاطف، وهو من النزعات الفطرية في الإنسان. ويلعب التصور والخيال دورا كبيرا في هذه المسألة. ذلك أن مشاهد العذاب يتصور في خياله ما ينزل به إذا كان هو الواقع تحت العذاب. فهو يتألم كما لو كان التأثير حقيقيا لا وهميا، وهو يخشى العقاب ويرهبه خشية المذنب، ورهبة المعاقب.

لم ينص القابسي على هذا النوع من العقوبة، وهي عقوبة الوعظ والعبرة، ولم يتكلم عن أثرها في الصبيان، ولكنه في الوقت نفسه لم ينصح بعقاب الصبيان كل واحد على حدة. على العكس من ذلك نجد أن في مناسبات كثيرة يحث المعلم على عقاب الصبيان جملة، ليتم تأديبهم جميعا. ذلك أن سلوك المعلم مع الصبيان في الكتاب يحمل روح التأديب. فالعبوس نوع من العقاب اليسير الذي تكلم عنه القابسي؛ والعبوس مظهر من مظاهر الغضب، وعنوان الأمر والشدة، وهذا المظهر يسبق عادة العزم على الضرب والاعتداء. ويتأثر الصبيان بهذا المظهر، فيتجنبون ما يغضب المعلم خشية ما يعقب العبوس من ضرب. لهذا يخضع الصبيان وينكمشون عند عبوس المعلم.

قال القابسي: «فكونه عبوسا أبدا، من الفظاظة الممقوتة ويستأنس بها الصبيان.» 54-ب.

Page inconnue