Taqreeb al-Tadmuriyyah
تقريب التدمرية
Maison d'édition
دار ابن الجوزي،المملكة العربية السعودسة
Numéro d'édition
الطبعة الأولى
Année de publication
١٤١٩هـ
Lieu d'édition
الدمام
Genres
ففي الآيتين موهم تعارض فيتبعه من في قلبه زيغ ويظن بينهما تناقضًا وهو النفي في الأولى، والإثبات في الثانية. فيقول: في القرآن تناقض.
وأما الراسخون في العلم؛ فيقولون: لا تناقض في الآيتين فالمراد بالهداية في الآية الأولى هداية التوفيق، وهذه لا يملكها إلا الله وحده فلا يملكها الرسول ولا غيره. والمراد بها في الآية الثانية هداية الدلالة، وهذه تكون من الله تعالى ومن غيره فتكون من الرسل وورثتهم من العلماء الربانيين.
ومثال الثالث ١: قوله تعالى لنبيه ﷺ: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [يونس: ٩٤] .
ففي الآية ما يوهم وقوع الشك من النبي ﷺ مما أنزل إليه فيتبعه من في قلبه زيغ فيدعي أن النبي ﷺ وقع منه ذلك فيطعن في رسول الله ﷺ.
وأما الراسخون في العلم؛ فيقولون: إن النبي ﷺ لم يقع منه شك ولا امتراء فيما أنزل إليه، كيف وقد شهد الله له بالإيمان في قوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥] . وقوله: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [لأعراف: ١٥٨]؟!
ويقولون: إن مثل هذا التعبير - ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ﴾ [يونس: ٩٤] – لا يلزم منه وقوع الشرط، بل ولا إمكانه كقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ٢﴾ [الزخرف: ٨١]؛ فإن وجود الولد لله ﷿ ممتنع غاية
١ توهم ما لا يليق برسول الله ﷺ. ٢ في معنى هذه الآية أقوال: أظهرها أنه إن كان للرحمن ولد – على سبيل الفرض الممتنع – فإن ذلك لن يحملني على عبادة ذلك الولد، بل سأكون أول العابدين لله، ولن أعبد =
1 / 81