Taqreeb Al-Bughya Bi-Tarteeb Ahadeeth Al-Hilya
تقريب البغية بترتيب أحاديث الحلية
Chercheur
محمد حسن محمد حسن إسماعيل
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ترجمة الحافظ الهيثمي
اسمه ونسبه:
هو علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح المصري.
كنيته: أبو الحسن، ولقبه: نور الدين.
نسبته: ينتسب بالهيثمي نسبة إلى محلة أبي الهيثم - قرية بمصر، وهو يعرف به أكثر من غيره.
مولده:
ولد في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، ونشأ في بقعة منعزلة هادئة، فإن أباه كان صاحب حانوت في صحراء الفسطاط التي بينها وبين المقطم، فنشأ في تلك البقعة الهادئة، وقرأ القرآن.
طلبه للعلم:
لما بلغ من العمر خمسة عشر عامًا مال إلى طلب العلم، فسافر إلى القاهرة بحثًا عن العلم، فتتلمذ على العلماء والمشايخ وشائت المقادير أن يلتقي الحافظ زين الدين العراقي، فصحبه ولازمه أشد الملازمة، ولم يفارقه في الحضر، ولا في السفر حتى مات، فسمع معه من ابتداء طلبه على أبي الفتح الميدومي، وابن الملوك، وابن القُطرواني، وغيرهم من المصريين.
ومن ابن الخباز وابن الحموي، وابن قيم الضيائية وغيرهم من الشاميين.
ثم رحل معه جميع رحلاته، وحج معه جميع حجاته، ورافقه في جميع مسموعه بمصر، والقاهرة، والحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وبعلبك، وحلب، وحماة، وطرابلس، وغيرها، وربما سمع الزين بقراءته.
ولم ينفرد أحدهما عن الآخر بسماع أو شيخ إلا في أشياء قليلة.
1 / 3
اعتناء الحافظ العراقي بالهيثمي:
رأى الحافظ العراقي فيه حسن الخلق، والجد في الطلب، وحدة الذهن، وفهمًا ثاقبًا، وذاكرة قوية، فاهتم به كثيرًا، واعتنى به عناية فائقة، فزوجه بنته خديجة، وأفاده بكتبه وتصانيفه، بل قرأ عليه الهيثمي أكثرها، وتخرج به في الحديث، ودربه في إفراد زوائد كتب المعاجم الثلاثة للطبراني، ومسانيد أحمد، والبزار، وأبي يعلى - على الكتب الستة، ثم مر عليها الحافظ العراقي وحررها، وعمل خطبها.
خدمته لشيخه واحترامه له:
عرفانًا بالجميل لشيخه، وتقديرًا لجهوده المخلصة، وتوجيهه السليم، خدمه الحافظ الهيثمي في الحضر والسفر خدمة منقطعة النظير.
قال الحافظ ابن حجر: وقد عاشرتهما مدة، فلم أرهما يتركان قيام الليل، ورأيت من خدمته لشيخنا (العراقي) وتأدبه معه من غير تكلف، لذلك ما لم أره لغيره، ولا أظن أحدًا يقوى عليه.
وقال - أيضًا - كان لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ.
وقال البرهان الحلبي: غالب نهاره في اشتغال وكتابة مع ملازمة خدمة الشيخ في أمر وضوئه، وثيابه، ولا يخاطبه إلا بسيدي حتى كان في أمر خدمته كالعبد.
ولم يزل على تقدير شيخه، وتوقيره حتى بعد وفاته.
قال العلامة السخاوي: "بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه، ومع ذلك فلم يغير حاله، ولا تصدر، ولا تمشيخ، وكان مع كونه شريكًا للشيخ يكتب عنه الأمالي"، بحيث كتب عنه جميعها، وربما استملى عليه، ويحدث بذلك عن الشيخ، ولا في نفسه إلا لمن يضايقه.
أخلاقه وصفاته:
كان ﵀ نموذج سلفنا الصالح في الزهد، والتقوى، والتواضع، ومحبة الخير للناس، وغير ذلك من الصفات الحميدة.
1 / 4
قال ابن حجر ﵀: كان ﵀ هينًا لينًا خيرًا دينًا محبًا في أهل الخير، لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ، وكتابة الحديث، كان سليم الفطرة، كثير الخير، كثير الاحتمال للأذى - خصوصًا من جماعة الشيخ.
وقال ابن فهد: وكان - رحمة الله تعالى عليه - إمامًا عالمًا حافظًا ورعًا زاهدًا متقشفًا متواضعًا خيرًا هينًا لينًا ساكنًا، سليم الفطرة، شديد الإنكار للمنكر، كثير الاحتمال محبًا للغرباء، وأهل الدين والعلم والحديث، كثير التودد إلى الناس مع العبادة والاقتصاد، والتعفف، وكان ﵀ من محاسن القاهرة، ومن أهل الخير، غالب أوقاته في اشتغال وكتابة، كثير التلاوة بالليل والتهجد.
وكان - تغمده الله تعالى برحمته - استحضاره كثيرًا للمتون، يجيب عنها بسرعة فيعجب ذلك شيخنا الحافظ زين الدين العراقي، وربما رجح في حفظ المتون عليه.
وقال السخاوي: وكان عجبًا في الدين والتقوى والزهد، والإقبال على العلم والعبادة والأوراد، وخدمة الشيخ، وعدم مخالطة الناس في شيء من الأمور، والمحبة في الحديث وأهله.
وقال - أيضًا - والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدًا، بل هو في ذلك كلمة اتفاق.
مؤلفاته:
تقدمت الإشارة أن الحافظ العراقي أشار عليه بتخريج زوائد مسند أحمد، وساعده على ذلك بكتبه، وآرائه السديدة، ومشورته المفيدة، وشجعه بتحريره، وكتابة خطبه ونحو ذلك، وحتى حبب إليه هذا العمل، واختص بجمع الأحاديث الزائدة على الكتب الستة، وبلغ ما كتبه في الزوائد ثمانية كتب: وهي:
١ - غاية المقصد في زوائد مسند أحمد.
جمع فيه ما انفرد به الإمام أحمد في مسنده عن الكتب الستة من حديث بتمامه أو من حديث فيه زيادة على ما في الكتب الستة، ورتّبها على أبواب الفقه، وقد حقق النصف الأول منه، قام بتحقيقه الدكتور سيف الرحمن مصطفى، والدكتور حمزة الهندي.
1 / 5
٢ - كشف الأستار عن مسند البزار.
جمع فيه زوائد مسند البزار على الكتب الستة، وقد طبع هذا الكتاب في أربعة أجزاء بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي.
٣ - المقصد العلي في روائد أبي يعلى الموصلي.
خرج فيه الهيثمي ﵀ روائد مسند أبي يعلى على الكتب الستة، ورتبها على أبواب الفقه، وقد طبع بتحقيق الدكتور نايف بن هاشم.
٤ - البدر المنير في زوائد المعجم الكبير.
جمع فيه ﵀ زوائد المعجم الكبير للطبراني، على الكتب الستة - وهو مخطوط.
٥ - مجمع البحرين في زوائد المعجمين - الأوسط والصغير - للإمام الطبراني.
٦ - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. ولما فرغ الحافظ الهيثمي ﵀ من جمع زوائد مسند أحمد، ومسند البزار، ومسند أبي يعلى، وروائد المعاجم الثلاثة للطبراني. جمع زوائد هذه الكتب الستة في كتاب سماه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، وحذف أسانيدها، وتكلم عقب كل حديث لبيان درجة الحديث من صحة، وحسن، وضعف، وغير ذلك.
وهذا الكتاب من أهم كتب السنة بعد الأصول الستة، ومن يطلع عليه يخضع لجلالة قدر مؤلفه في الحديث، وهو مطبوع في عشرة أجزاء.
٧ - موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. جمع فيه المؤلف زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين - صحيح البخاري، وصحيح مسلم، ورتبها على الأبواب الفقهية، وقد طبع هذا الكتاب مرارًا.
٨ - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث، وقد طبع في مجلد.
وللهيثمي ﵀ مؤلفات في ترتيب بعض الكتب التي كانت تصعب الاستفادة منها إلا بجهد، وصرف وقت طويل، فرتبها على حروف الهجاء ليسهل على الباحث الرجوع إليها بيسر وسهولة وبجهد أقل، ووقت أقصر، فمنها:
1 / 6
٩ - ترتيب ثقات ابن حبان. مخطوط.
١٠ - ترتيب ثقات العجلي.
وقد طبع هذا الكتاب في مجلدين بتحقيق الشيخ عبد العليم بن عبد العظيم البستوي.
١١ - ترتيب الأحاديث المسندة في حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم ورتبها على الأبواب، ومات عنه وهو مسود، فبيضه وأكمله ابن حجر ﵀.
كما رتب:
١٢ - أحاديث الغيلانيات.
١٣ - وأحاديث الخلعيات.
١٤ - وفوائد أبي تمام.
١٥ - والأفراد للدارقطني.
رتبها على الأبواب.
ذكر ذلك الحافظ السخاوي في الضوء اللامع.
وفاته:
توفي ﵀ في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة سبع وثمان مئة، ولم يخلف بعده مثله.
1 / 7
ترجمة الحافظ ابن حجر العسقلاني
هو: شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد، المعروف بابن حجر، الكناني، العسقلاني، الشافعي، المصري المولد والمنشأ والدار، والوفاة.
ولد في شعبان سنة ٧٧٣ هـ، في منزل كان يقع على شاطيء النيل بمصر، وكناه أبوه بأبي الفضل، تشبهًا ببعض قضاة مكة، ولقبه بشهاب الدين.
شهرته:
وأما شهرته بابن حجر، فقد اختلفت المصادر في اعتباره اسمًا أو لقبًا، وإذا كان لقبًا هل هو أحد أجداده فطغى على العائلة كلها؟، أم أنه لقب لحرفة أو مهنة أو صناعة.
قال السخاوي: "هو لقب لبعض آبائه"، وهو الراجح، وذهب بعضهم إلى أنه نسبة إلى آل حجر، وهم يسكنون الجنوب الآخر على بلاد الجريد وأرضهم قابس.
أصله:
جاء في "المجمع المؤسس" نقلًا عن أبيه وبخط يد الحافظ أنه من قبيلة كنانة.
نشأته:
نشأ الحافظ ابن حجر يتيمًا حيث مات أبوه وهو في الرابعة من عمره، وماتت أمه قبل ذلك وهو طفل، فاصبح في وصاية زكي الدين أبي بكر الخروبي، وكان تاجرًا كبيرًا، وقد اعتنى به غاية العناية، فأدخله المكتب بعد أن اكتمل عمره خمس سنوات، فأكمل حفظ القرآن الكريم وله تسع سنين على يد محمد بن عبد الرزاق السفطي.
ولما بلغ الحادية عشرة من عمره سنة ٧٨٤ هـ، حج مع زكي الدين الخروبي وجاور بمكة والقدس، هنالك اشتغل بالإعادة.
1 / 9
وحفظ بعد رجوعه مع الخروبي إلى مصر سنة ٧٨٦ هـ "عمدة الأحكام" للمقدسي، و"مختصر ابن الحاجب" في الأصول، و"ملحقة الإعراب" للهروي، وألفية العراقي، وألفية ابن مالك، والتنبيه في فروع الشافعية للشيراري.
تميز ابن حجر بسرعة الحفظ، وبلغ من أمره أنه حفظ سورة مريم في يوم واحد، وكان حفظه تأملًا على طريقة الأذكياء، واشتغل مدة بالتجارة بعد موت الخروبي سنة ٧٨٧ هـ، ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون الأدب.
طلبه للحديث:
تمثل سنة ٧٩٣ هـ منعطفًا في حياة ابن حجر، حيث حُبِبَ إليه علم الحديث النبوي فأقبل عليه بكليته، وكان شيخه في هذا العلم زين الدين العراقي (٨٠٦ هـ)، الذي لازمه عشر سنوات، وأرخ لهذه الفترة بقوله "رفع الحجاب، وفتح الباب، وأقبل العزم المصمم على التحصيل، ووفق للهداية إلى سواء السبيل".
فقرأ على مُسنِدي القاهرة ومصر الكثير في مدة قصيرة، ووقع له سماع متصل عالٍ لبعض الأحاديث، وقال ابن فهد المكي: "وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى"، لحظ الألحاظ لابن فهد (٢٣٠).
زوجاته:
تزوج ابن حجر عندما بلغ عمره خمسًا وعشرين عامًا وذلك سنة (٧٩٨ هـ) من أنس ابنة القاضي كريم الدين عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز، ناظر الجيش، وهي من أسرة معروفة بالرئاسة والحشمة والعلم، فاعتنى بها، وأسمعها الحديث المسلسل بالأولية علي شيخه حافظ العصر الزين العراقي والشريف بن الكويك، وحصل لها جملة من الإجازات باستدعاءات عدد من الحفاظ والمسندين، كما استصحبها معه إلى الحج سنة ٨١٥ هـ، وحدثت بحضور زوجها، وقرأ عليها الفضلاء، واستولدها عدة بنات هن: زين خاتون، وفرحة، وغالبة، ورابعة، وفاطمة، ولم تلد ذكرًا، وكان كثير التبجيل لها، وهي عظيمة الرغبة فيه.
كما تزوج أرملة الزين أبي بكر الأمشاطي، ورزق منها آمنة، ولم تعش طويلًا حيث ماتت في شوال سنة ٨٣٦ هـ، وبموتها طلق أمها.
1 / 10
وتزوج ليلى ابنة محمود بن طوعان الحلبية، عندما سافر مع الأشراف سنة ٨٣٦ هـ، إلى آمد، ولم يرزق منها بأولاد.
هذا ورغبة منه في مولود ذكر تسرى بـ (خاص ترك) سارية زوجته، وأنجب منها ولده الوحيد بدر الدين أبي المعالي محمد، سنة ٨١٥ هـ، وكان حريصًا على تعليمه وتهذيبه، فحفظ القرآن وصلى بالناس كما كانت العادة جارية في ٨٢٦ هـ، وأسمعه الحديث على الواسطي وجماعة.
وبلغ من حرصه واهتمامه به أن صنف كتابه: "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" لأجله، وكتب هو عن والده كثيرًا من مجالس الإملاء، واشتغل بالقيام بأمر القضاء والأوقاف.
رحلاته في طلب العلم:
الرحلة في طلب العلم تقليد مبكر في تاريخ علماء المسلمين، ومظهر من مظاهر التعليم الإسلامي، يلجأ إليه الطالب بعد أن يستكمل ثقافته المحلية بسماعه وقراءته على علماء بلده، وشغف ابن حجر بالعلم كان مبكرًا، وكذلك حرصه على أن يكون بالحديث النبوي عالما متبحرًا ورأسًا فيه لا يحلق ... هذا ما يستلزم شد الرحال والطواف في البلدان متتبعًا لمواطن العلماء والشيوخ والمسندين للتخرج بهم والانتفاع بملازمتهم والقراءة عليهم ورحل داخل مصر وخارجها.
ففي سنة ٧٩٣ هـ، رحل إلى قوص وغيرها من بلاد صعيد مصر، نسمع من علمانها نظمهم.
وفي سنة ٧٩٧ هـ، رحل إلى الإسكندرية وبها التقى بجماعة من المحدثين والمسندين منهم: شمس الدين الجزري (ت ٨٣٤ هـ)، وابن الفراط (ت ٨٠٣ هـ)، وابن سليمان الفيش (ت ٧٩٨ هـ)، وابن البوري (٧٩٩ هـ)، وغيرهم حيث ورد ذكرهم في كتابه: "الدر المضيئة في فوائد الإسكندرية".
وفي شوال سنة (٧٩٩ هـ)، توجه إلى الحجاز وما أن وصل إلى الطور حتى لقي جماعة من العلماء، منهم: الرضي الزبيدي (ت ٨٢١ هـ)، والصلاح الأقفسي (ت ٨٢٠ هـ)، والنجم المرجاني (ت ٨٢٧ هـ) فقرأ عليهم جميعًا.
1 / 11
وفي اليمن التقى بابن الخياط الشافعي (ت ٨١١ هـ)، وكان قد مهر في الفقه، وسمع من فوائده.
والتقى في زبيد بكل من: ابن عبد الصمد الجبرتي (٨٠٦ هـ)، وأحمد بن أبي بكر الناشري (٨١٥ هـ)، وكانت إليه رئاسة الفتوى ببلده، والشريف ابن المقري (ت ٨٣٧ هـ)، وقد مهر في الفقه والعربية والأدب واستفاد منه الكثير.
وفي عدن لقي الرضي بن المستأذن (ت ٨١٦ هـ)، وسمع من شعره، وفي زبيد التقى بالمجد الفيروز آبادي (ت ٨١٧ هـ)، فناوله القاموس المحيط، كما اتصل لابن جميع (٨٠٣ هـ).
وتوجه مرة ثانية لليمن سنة ٦٠٨ هـ)، بعد عودته، ولكن لقي متاعب كثيرة نتيجة لغرق المركب وغرق جميع ما معه من الأمتعة والكتب والنقد، ثم رحل إلى الحجاز، للحج والمجاورة والاشتغال غير مرة، والتقى بالعلماء، ومنهم زين الدين عبد الرحمن بن محمد بن طولوبغا السيفي (ت ٨٢٥ هـ)، فأخذ شيئًا من مروياته.
ورحل إلى الشام سنة ٨٠٢ هـ، قاصدًا بلاد الشام، والتقى بعدد كبير من المسندين والعلماء، وأقام بدمشق مائة يوم ومسموعه في تلك المدة نحو ألف جزء حديثية.
هذا وطوف البلاد الشامية وحلب وحمص وحماة وغيرها.
شيوخه:
اجتمع لابن حجر من الشيوخ ما لم يجتمع لاحد من أهل عصره، فمنهم:
١ - الرهان التنوخي (ت ٨٠٠ هـ)، في معرفة القراءات.
٢ - الزين العراقي (ت ٨٠٦ هـ) في معرفة الحديث ومتعلقاته.
٣ - الحافظ الهيثمي (ت ٨٠٧ هـ)، في حفظ المتون واستحضارها.
٤ - السراج البلقيني (ت ٨٠٥ هـ)، في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع.
٥ - ابن الملقن (ت ٨٠٤ هـ)، في فترة التصانيف.
٦ - المجد الشيرازي (ت ٨٧١ هـ) في حفظ اللغة والاطلاع عليها.
1 / 12
٧ - الغماري (ت ٨٠٢ هـ)، في معرفة العربية ومتعلقاتها وحفظها.
٨ - المحب بن هشام (ت ٧٩٩ هـ) سمع عليه: علوم الحديث لابن الصلاح، وحكايات أبي علي الفقيه.
٩ - العز بن جماعة (ت ٨١٩ هـ)، وغيرهم كثير، وانظر "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" فقد ذكر فيه شيوخه كلهم نساء ورجال.
جهوده العلمية:
تصدر الحافظ ابن حجر للإقراء، والتدريس، والإملاء في المدارس والمجالس، وأفتى بدار العدل، وتولى مشيخة عدد من المدارس وأنظارها والخطابة في عدد من الجوامع كما تولى القضاء.
أما من ناحية التدريس، فقد درس بالمدرسة الشيخونية ما بين سنة ٨١١ إلى ستة ٨٢٧ هـ الفقه.
كما درس الفقه أيضًا في الخروبية، البدهلة وبالشريفية الفخرية، والصالحية النجمية، والصلاحية الجاورة للإمام الشافعي، ودرس الحديث بالمدرسة الجمالية الجديدة، وبالبيرسية، والجمالية المستجدة، والحسنية .... وغيرها.
وتولى مشيخة البيرسية فأملى فيها نحوًا من عشرين سنة ثم انتقل إلى دار الحديث الكاملية بين القصرين.
ودرس التفسير بالمدرسة الحسينية والمنصورية وتصدر للأسماع بالمحمودية.
وكانت طريقته في إلقاء الدروس متميزة عن أقرانه، ويظهر فيها جانب الإبداع بالنظر لما يثيره من مسائل تقوم على الاستنباط والتشكيك والنقد.
وتولى ابن حجر تدريس الحديث وقد اكتملت له أسبابه، فعهد إليه السلطان فرج بن برقوق بعقد مجالس إملائية في المدرسة الشيخونية عام ٨٠٨ هـ، وإنما كان يناط بوظيفة التدريس إلى أبرز رجالات العصر.
وتولى القضاء استقلالًا في السابع والعشرين من المحرم سنة ٨٢٧ هـ، بتفويض من الملك الأشرف برسباي بالقاهرة، وسرعان ما ندم على قبوله هذا المنصب.
1 / 13
ولذلك لم يلبث طويلًا حيث صرف نفسه في ذي القعدة من السنة نفسها، ولم يلبث يصرف ثم يعاد إلى وظيفة القضاء، وإلى أن عزل نفسه في جمادى الآخرة في السنة التي توفي نيها سنة ٨٥٢ هـ.
وتولى الخطابة بالجامع الأزهر عوضًا عن خطبة تاج الدين محمد بن رزين (ت سنة ٨١٩ هـ)، ثم تولى الخطابة بجامع عمرو بن العاص، وكان لخطبه وقع في قلوب السامعين.
ثم نهض بمهمة الإفتاء بدار العدل سنة ٨١٥ هـ، وامتازت فتاويه بالإيجاز مع حصول الغرض منها.
تلاميذه:
وقد أخذ عنه كل من:
١ - الإمام شيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري.
٢ - الإمام شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي.
٣ - الإمام العز بن فهد المكي.
٤ - البرهان البقاعي.
٥ - الشرف عبد الحق السنباطي، وغيرهم.
مصنفاته:
تزيد مصنفاته على مائة وخمسين مصنفًا، وهي من حيث مادتها تعالج مواضيع متعددة ومتنوعة.
ومن حيث كمالها فإن منها ما كمل وبيض، أو كمل وشرع في تبييضه، أو كمل وهو في المسودة، ومنها ما لم يكمل إلا أنه كتب منه قدر النصف أو يزيد، ومنها ما شرع في تأليفه.
أما من حيث سعتها فمنها ما يقع في مجلدات، ومنها ما يقع في أجزاء، أو كراريس أو أسفار، ومنها المختصر ومنها المطوّل ومن تصانيفه:
1 / 14
في علوم القرآن:
١ - أسباب النزول ... مجلد .. غير موجود.
٢ - الإتثان في جمع أحاديث فضائل القرآن. مختصر. غير موجود.
٣ - ما وقع في القرآن من غير لغة العرب.
في أصول الحديث:
١ - نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، مطبوع.
٢ - نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر، مطبوع.
وفي شرح الحديث:
١ - فتح الباري، ومطبوع عدة طبعات، وله مقدمة باسم: هدي الساري.
٢ - النكت على تنقيح الزركشي على البخاري.
طرق الحديث:
١ - تغليق التعليق، مطبوع.
٢ - الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف، مطبوع بمكتبة القرآن.
٣ - القول السدد في الذب عن مسند أحمد، مطبوع.
وفي تخريج الحديث:
١ - الاستدراك على شيخه العراقي في تخريج الإحياء.
٢ - تخريج أحاديث منتهى السول.
٣ - تخريج أحاديث أذكار النووي، طبع منه جزآن.
٤ - التمييز في تخريج أحاديث الوجيز للغزالي في مجلدين.
٥ - الدراية في تخريج أحاديث الهداية، مطبوع.
1 / 15
في كتب الأطراف:
١ - إتحاف المهرة بأطراف العشرة.
٢ - النكت الظراف على الأطراف، مطبوع بأسفل تحفة الأشراف للمزي.
كتب الزوائد:
١ - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، مطبوع.
كتب الفقه:
١ - بلوغ المرام من أدلة الأحكام، مطبوع.
المعاجم والمشيخات:
١ - تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة، المسمى: "بالمعجم المفهرس"، ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب.
٢ - المعجم المؤسس للمعجم المفهرس، وهو الآخر ما زال مخطوطًا.
كتب الرجال:
١ - الإصابة في تمييز الصحابة، مطبوع.
٢ - لسان الميزان، مطبوع.
٣ - تهذيب التهذيب، مطبوع.
٤ - تقريب التهذيب، مطبوع، ومنه عدة نسخ خطية منها نسخة بخط الحافظ ابن حجر، محفوظة بدار الكتب المصرية.
٥ - تعجيل المنفعة برجال الأئمة الأربعة، مطبوع.
٦ - الإيثار بمعرفة رواة الأثار، مطبوع.
٧ - نزهة الألباب في الألقاب، مطبوع.
1 / 16
المناقب:
١ - ترجمة ابن تيمية، مخطوط.
٢ - توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس، مطبوع.
٣ - الزهر النضر في حال الخضر، مطبوع.
كتب التاريخ:
١ - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، مخطوط، ومطبوع.
٢ - إنباء الغمر بأبناء العمر، مطبوع.
٣ - رفع الإصر عن قضاة مصر، مطبوع.
كتب أخرى:
١ - الغنية في مسألة الرؤية، مطبوع.
٢ - الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع، مطبوع.
٣ - تعريف المنتبه بتحرير المشتبه، مطبوع.
٤ - تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس، مطبوع.
٥ - النكت على ابن الصلاح، مطبوع.
٦ - ردع المجرم عن سب المسلم، مطبوع.
٧ - المقترب في المضطرب.
وغيرها كثير من المصنفات النافعة بإذن الله تعالى.
وفاته:
توفي ﵀ في اليوم الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة ٨٥٢ هـ. وكان ممن حمل نعشه السلطان، ودفن بتربة بني الخروبي بالقرب من الإمام الليث بن سعد.
1 / 17
ورثاه الشهاب قائلًا:
قد بكت السحب على ... قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الركن الذي ... كان مشيدًا من حجر
مصادر ترجمته:
١ - الجواهر والدرر للسخاوي، وهو مخطوط تحت فن تاريخ/ ٤٧٦٨ ومحفوظ بدار الكتب المصرية.
٢ - الضوء اللامع (٢/ ٣٦ - وما بعدها).
٣ - شذرات الذهب (٧/ ٢٧٠).
٤ - حسن المحاضرة (١/ ٣٦٣).
٥ - الأعلام (١/ ١٧٨) ... وغيرها كثير.
1 / 18
وصف المخطوط
اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب بفضل الله الواحد الأحد الفرد الصمد على النسخة الخطية الكائنة في دار الكتب المصرية تحت رقم ٩٠٤ حديث.
وتقع في مجلدين أعاننا الله على إخراجه في الصورة اللائقة.
ولا يسعني في النهاية إلا أن أقدم الشكر لمشايخي الذين أخرجوني من حيز الجهل إلى حيز العلم.
والأستاذ/ فتحي صالح توفيق [جمع تصويري/ كومبيوتر]
طالب العلم/ محمد فارس
1 / 19
صفحة مخطوط
1 / 20
صفحة مخطوط
1 / 21
صفحة مخطوط
1 / 22
صفحة مخطوط
1 / 23