٤) أَخْذُ الْحَدِيثِ حَالَ المُذَاكَرَةِ:
كان المحدِّثون يَحُثُّون على مذاكرةِ الحديثِ ويَحْرِصون عليها حِرْصًا شديدًا؛ لِمَا وَجَدوا فيها من الفوائد؛ كاستذكارِ الحديثِ وتحفُّظه، واستدراكِ ما فاتَهُمْ من الأحاديثِ في البابِ الذي يذاكرون فيه، وكَشْفِ الخَلَلِ والعِلَلِ في الأحاديثِ التي يَحْفَظونها، وكَشْفِ الضعفاءِ والكذابين من الرواة.
وعُنِيَ بها جميعُ مَنْ ألَّف في علومِ الحديث، بل أفرَدَ لها عددٌ من الأئمَّة بابًا في مؤلَّفاتهم، منهم: أَبُو بَكْرُ بْنُ أَبِي شَيْبة في "المصنَّف" (١)، والدارمي في "مسنده" (٢)، والرَّامَهُرْمزي في "المحدِّث الفاصل" (٣)، وعدَّها أبو عبدِالله الحاكمُ (٤) نوعًا من أنواع علومِ الحديث، وأطالَ فيها الخطيبُ البغداديُّ في "الجامع، لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٥)، فعقَدَ لها بابًا بعنوان: «مذاكرة الحديثِ مع عامَّة الناس»، ثم أتبَعَهُ بابًا بعنوان: «المذاكرة مَعَ الأتباعِ والأَصْحَاب»، ثم بابًا بعنوان: «المذاكرة مَعَ الأقرانِ والأتراب»، ثم ختمها بباب: «المذاكرة مَعَ الشُّيُوخ وذوي الأسنان»، وكان قد عقَدَ بابًا قبل ذلك (٦) بعنوان: «الكتابة عن المحدِّث في المذاكرة» .