وأطلعه على كلام الملاك روفائيل وأوامر الله الصريحة، فأعار الأسقف اهتمامه الشديد لكلام الناسك، إذ إنه كان يدرك أن الله يتخذ أحيانا طرقا فوق العادة ليتمم مشيئته.
إلا أنه بالرغم من نزوله عند صدق الناسك بقي متريبا؛ لأنه لم يكن يجسر أن يتحمل تبعة أمر كهذا قبل أن يتأكد من المشيئة الإلهية.
فقال: أذكر أني سمعت منذ خمس عشرة سنة بناسك يدعى سيراب أظهر عجائب غريبة، أهو أنت؟
فقال الناسك: أبتاه، الحق يقال إنني صرفت بضعة أعوام على قمة عمود في الصحراء، فكنت كل يوم أردد هذه العبارة التي فاه بها المسيح: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟» أما أعمالي فهي غير كاملة ولا تستحق التفات الشعب واكتراثك.
فأجابه الأسقف: وهل قال لك الملاك لماذا يرغب الله في ذلك العمل؟
فقال الناسك: قال لي الملاك: انهض واذهب إلى الإسكندرية وامتثل بين يدي الأسقف بطرس وباسم المسيح تشفي المرضى والكسحاء.
فالتفت الأسقف بطرس إلى أبيليوس وقال له: ما رأيك يا أبيليوس؟
فابتسم هذا، وقال: قد يكون الرجل عرضة للهذيان.
فقال الناسك: أظن أني سليم العقل والجسم وأن الهذيان لم يلامس قط مخيلتي.
فقال الأسقف: أتقدر أن تعطيني برهانا عما تقول؟ - أجل - خذ عصاي واعمل بها ما عمله موسى أمام فرعون مصر.
Page inconnue