لقد أبصرت موكب الفراعنة المنتصرين يمر أمامي على نغمات الأبواق الحربية.
ألا فانظر إلى العبارة المحفورة على الإصبع الثانية من قدمي اليسرى، فهي تقول إن وجهي هو وجه توتموزيس، هذا كذب، إذ إن الفراعنة كانوا يكذبون أحيانا.
لقد أبصرت يوسف منقذ مصر محاطا بإخوته، وموسى الشاعر، وابن الله على ذراعي أمه مريم ووالده يوسف، أتسمع، لقد أبصرت ابن الله يستريح في ظلالي هنا على هذا الحجر الذي إلى يمينك.
فنظر سيراب الناسك إلى الحجر نظرة احترام، ثم قبله بلهفة وخشوع.
فقال التمثال متهكما: تود أن تعرف سر المشكلات وتجهل من أنا! إنك تحمل في نفسك لججا عميقة وغضبا هائلا! إن صواعق البحار لأخف هولا من رغبات قلبك! أراك ظمآن للحياة من جهة، ومن جهة أخرى تشتهي أن تتذوق طعم الموت! كأن في نفسك منتهى القوة ومنتهى الضعف.
تارة تلامس السماء بجبينك الذي يرتفع إلى النجوم، وطورا تغرز عروقك في أعمق أعماق الغرائز الحيوانية.
ماذا! ... أترغب بعد ذلك أن تعرف في ماذا يحدق نظري؟ صبرا فستعرف ذلك! ...
ولكنك تدهشني بتصرفك الغريب.
لقد هجرت أهلك منذ ربع قرن، وملت عن اللذات والآمال والمطامع وآثرت السكينة في الصحاري المنفردة.
لقد أرهقت جسدك بالتقشفات، وظننت أن هربك من العالم يورثك هرب العالم منك.
Page inconnue