فابتسم الملك لهيجان جوانفيل، ذلك الهيجان الساذج، وقال له: أراك نسيت البلاء الحسن الذي أبلاه السيد جوهان، عندما طرد وحده كتيبة كاملة من الإسمعيليين.
فسر غوشي من شهادة ملكه، فبسط على السماط يده الجبارة وقال: وحق الله أيها الملك المحبوب، لقد فتكت هذه اليد بكتيبة من الكفرة الجاحدين!
قال هذا وضحك ضحكة رنت في القاعة الرحبة، رنين جرس من النحاس.
كان النبيذ يدور دورته في الكئوس، فلاحظ الملك أن السيد جوانفيل لم يكن يمزج خمرته بالماء فقال له: لأي سبب لا تضع ماء مع النبيذ يا جوانفيل؟ - إن السبب في ذمة الأطباء أيها الملك، فهم يقولون لي إنني ذو رأس ضخم ومعدة باردة لا تؤثر فيها عوامل الخمرة. - إن الأطباء يخدعونك يا جوانفيل، فإذا كنت لا تتعود شرب الخمر ممزوجة بالماء وأنت في ميعة شبابك، وتضطر إليها في شيخوختك، تصاب بداء المفاصل والمعدة وتفقد صحتك، وإذا شربت الخمر صافية صرفة وأنت شيخ لا تجد مهربا من السكر كل مساء، والسكر يا صديقي عادة معيبة، وعار على الرجل الشريف.
عندما انتهت الوليمة نهض الأب إلياس، وخضع أمام الملك باحترام كلي، وسأله عما إذا كان يرغب في أن يسمع تفسير أنشودة الأناشيد.
فقال له الملك: أرجئ ذلك إلى حين يا أب إلياس، فلا يجمل بنا أن نفسر بعد الغداء إلا آيات الراحة، هيوا بنا إلى ظلال الأشجار الباسقة، نتحدث معا حسب شروط الصحة. •••
لم يكد الملك يجلس في ظلال دوحة كبيرة، حتى تصاعد في الفضاء زفير رهيب عقبه شهيق ونحيب! فاستغرب الملك وسأل الحاضرين عن سبب ذلك، فلم يفده أحد، وظل القوم صامتين!
أما الرئيس فشحب لون وجهه واكفهر، وأما الأب إلياس فانحنى أمام الملك وقال له: إنه لسر القبر يا مولاي الجميل!
فحدق الرئيس الجزيل الاحترام في الأب إلياس، ورشقه بنظرات ملؤها التوبيخ.
فقال الملك للرئيس مستفهما: ماذا يعني الأب إلياس بهذه العبارة؟
Page inconnue