ثم بعد هذا هل تكون بعده صدقة، ويكون لهن فيها حق السكنى، أو فكيف يكون الحال؟ والظاهر الأول، ويحتمل أن يقال: إنها لهن بعده، وتكون قد دخلت بالشراء أوالوقف في المسجد، كغيرها من الأماكن. وإن كان الأول فتكون أدخلت في المسجد، وإن لم يكن لها حكمه، وحكم صدقته - صلى الله عليه وسلم - جار عليها، ومن جملة صدقته انتفاع المسلمين بالصلاة والجلوس فيها.
هذا كله في غير المدفن الشريف، أما المدفن الشريف فلا يشمله حكم المسجد، بل هو أشرف من المسجد، وأشرف من مسجد مكة، وأشرف من كل البقاع، كما حكى القاضي عياض الإجماع (¬1) على ذلك؛ أن الموضع الذي ضم أعضاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لا خلاف في كونه أفضل، وأنه مستثنى من قول الشافعية والحنفية والحنابلة وغيرهم أن مكة أفضل من المدينة، ونظم بعضهم في ذلك:
جزم الجميع بأن خير الأرض ما ... قد حاط ذات المصطفى وحواها
Page 51