Purification du Coran des atteintes
تنزيه القرآن عن المطاعن
Genres
[فصل] ولما بين لنا ما نعامل به النساء عند الصلاح وعند النشوز وعند الشقاق بين، أيضا ما يلزم المرء أن يفعله لصلاح دينه فقال (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) وذلك يجمع كل العبادات والطاعات التي تختص به ثم قال (وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم) يجمع تعالى بذلك الاحسان الى كل محتاج وان كان بعضهم أقرب الى المرء كنحو ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وملك اليمين وبعضهم أبعد كنحو اليتامى والمساكين وابن السبيل فأمر بالاحسان الى الكل ثم من بعد ذلك نبه المرء على طريقة التواضع فقال (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) فهذه الآية جامعة لكل ما يحتاج المرء اليه فتدخل فيه العبادات بكمالها وضروب الاحسان والانفاق في سبيله والمنع من ضروب التكبر والعدول عنه الى التواضع فهو على اختصاره بجمع ما يدخل في المجلدات الكبار ثم قال تعالى (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) فجعل ذلك من صفات من يكون مختالا فخورا فنبه بذلك على ان الانفاق هو الذي يخرجه من أن يكون فخورا ومن أن يكون بخيلا فالذي يخرج من ذلك لا يكتم ما آتاه الله من فضله فيرى شكورا معترفا بنعم الله قولا وفعلا فكل ذلك تأديب من الله تعالى في باب الدين. وبين من بعد كيف ينبغي أن ينفق في ذات الله تعالى فقال (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا وما ذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما) فرغب في ذلك حتى ختم الكلام بقوله جل وعز (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فبين كيف يدبر المكلفين ولا يظلم أحدا منهم حتى يمنعه المصالح ويمنعه الثواب أو يزيد في عقابه وبين انه في الحسنات يضاعف ثوابها وبين أنه يؤتى المرء الاجر العظيم على ما ينزل به من الشدائد ودل بقوله إنه لا يظلم مثقال ذرة على بطلان قول هؤلاء القدرية الذين يقولون لا ظلم الا من قبل الله وبخلقه وإرادته . تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ثم بين تعالى أنه صلى الله عليه وسلم يكون شاهدا على أمته بما يقع منهم من خير وشر فحذر بذلك من المعاصي وأن المرء اذا علم ان الرسول صلى الله عليه وسلم مع عظم محله يشهد عليه كان أبعد من المعصية وبين أن شهادته تكون يوم القيامة وان (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض) فيتمنون أن يبقوا في التراب وفي القبر لما رأوه من العذاب ويصيرون بحيث لا يكتمون الله حديثا حتى تشهد عليهم أيديهم وألسنتهم بما كانوا يعملون فلو لم يتدبر المرء الا هذه الآيات لكفاه.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) كيف يصح ذلك والسكران لا يخاطب لزوال عقله. وجوابنا ان المراد المنع من السكر الذي لا يمكن اقامة الصلاة معه لا انه اذا سكر يؤمر وينهى هذا هو الوجه.
وروى عن بعض الصحابة انه جعل ذلك أول دلالة على تحريم الخمر ودل قوله (حتى تعلموا ما تقولون) على ان الصلاة لا تصح إلا بقول فذلك احد ما يدل على وجوب الذكر والقراءة في الصلاة ويدل أيضا على ان المصلي يجب ان يكون عالما بصلاته وبقراءته متدبرا لها فلا يصلي وهو غافل ونهى تعالى الجنب ان يقرب الصلاة الا عابر سبيل حتى يغتسل فدل بذلك على انه متى لم يكن مسافرا لم تصح صلاته الا بالاغتسال ونبه جل وعز على انه اذا كان مسافرا يجوز ان يصلي بلا اغتسال بل بالتيمم.
[مسألة]
Page 97