Purification du Coran des atteintes
تنزيه القرآن عن المطاعن
Genres
وربما قيل في قصة يأجوج ومأجوج كيف يصح وصفه لهم بأنهم (لا يكادون يفقهون قولا) ثم وصفهم بأنهم يفسدون وكيف يصح قوله تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا) وكيف يصح أن يبقوا على الزمان لا يستطيعون ذلك حيث يقول تعالى (فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء) يعني الحشر. وجوابنا ان قوله (لا يكادون يفقهون قولا) يحتمل مع كمال عقلهم للمباينة في اللغة ويحتمل خلافه فلا يدل على ما ذكروا وقوله (مفسدون في الأرض) يحتمل أن يكون مع كمال العقل ويحتمل مع فقده كما يقال فيمن لا عقل له انه يفسد الزرع بل يقال ذلك في البهائم وذلك السد معمول بالصفر وما يجري مجراه فصح ان لا يمكنهم التأثير فيه لفقد الآلات ولقوة السد وإحكامه ويحتمل أنه تعالى يصرفهم عن الشغل بذلك فيبقى الى يوم القيامة. واختلفوا في يأجوج ومأجوج فمنهم من قال هم غير مكلفين ومنهم من قال يجوز أن يكون تكليفهم بجميع العقلي والشرعي بأن يسمعوا الأخبار ممن يقرب من السد فتتواتر عندهم ومنهم من قال بل تكليفهم بالعقلي دون الشرعي الذي لم تبلغ دعوته اليهم ثم ذكر تعالى من بعد ما تعظم الفائدة به لمن تدبره فقال سبحانه (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) فبين تعالى ان أعمال من لا يحفظ عمله فيفسدها بالكفر والفسق تكون الى خسار وتبار وتصير كالحسرة في الآخرة فلذلك قال الذين ضل سعيهم والمراد ذهب هدرا ولذلك قال آخرا (فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) فنبه على ان كل من حبط عمله يكون حكم سعيه في الخيرات هذا الحكم ثم بين أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلم يحبطوا ما فعلوه (كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا) فان مساكن الدنيا قد يبتغي المرء عنها حولا وليس كذلك الجنة وفي قوله تعالى عز وجل (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي) ما اذا تأمله العاقل علم ان كلمات الله تعالى لا تحصر وأنه قادر على ما لا نهاية له ومن هذا حاله كيف يصح أن يقال محدث أو مخلوق.
Page 243