178

عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ولم يجب إلى الموادعة وطلب نفسه (ع) فمنع منها بجهده حتى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه وهذا واضح لمن تأمله وإذا كنا قد بينا عذر أمير المؤمنين (ع) في الكف عن نزاع من استولى على ما هو مردود إليه من أمر الأمة وأن الحزم والصواب فيما فعله فذلك بعينه عذر لكل إمام من أبنائه (ع) في الكف عن طلب حقوقهم من الإمامة فلا وجه لتكرار ذلك في كل إمام من الأئمة (ع) والوجه أن نتكلم على ما لم يمض الكلام على مثله

أبو الحسن علي بن موسى الرضا (ع)

إن قيل كيف تولى علي بن موسى الرضا (ع) العهد للمأمون وتلك جهة لا يستحق الإمامة منها أوليس هذا إيهاما فيما يتعلق بالدين؟ الجواب قلنا قد مضى من الكلام في سبب دخول أمير المؤمنين (ع) في الشورى ما هو أصل في هذا الباب وجملته أن ذا الحق له أن يتوصل إليه من كل جهة وبكل سبب لا سيما إذا كان يتعلق بذلك الحق تكليف عليه فإنه يصير واجبا عليه التوصل والتحمل والتصرف في الإمامة مما يستحقه الرضا (صلوات الله عليه وآله) بالنص من آبائه (ع) فإذا دفع عن ذلك وجعل إليه من وجه آخر أن يتصرف فيه وجب عليه أن يجيب إلى ذلك الوجه ليصل منه إلى حقه وليس في هذا إيهام لأن الأدلة على استحقاقه (ع) للإمامة بنفسه تمنع من دخول الشبهة بذلك وإن كان فيه بعض الإيهام لحسنة إلجاء دفع الضرورة إليه كما حملته وآباءه (ع) على إظهار متابعة الظالمين والقول بإمامتهم ولعله (ع) أجاب إلى ولاية العهد للتقية والخوف وأنه لم يؤثر الامتناع على من ألزمه ذلك وحمله عليه فيفضي الأمر إلى المباينة والمجاهرة

Page 179