الخلاف يئول إلى الفساد ولا يقتضي مجاهرة ولا مظاهرة وهذه حال يعلمها الحاضر بالمشاهدة أو يغلب على ظنه فيها ما لا يعلمه الغائب ولا يظنه واستعمال القياس فيما يؤدي إلى الوحشة بين الناس ونفار بعضهم عن بعض لا يسوغ لأنا قد نجد كثيرا من الناس يستوحشون من أن يخالفوا في مذهب من المذاهب غاية الاستيحاش وإن لم يستوحشوا من الخلاف فيما هو أعظم منه وأجل موقعا ويغضبهم في هذا الباب الصغير ولا يغضبهم الكبير وهذا إنما يكون لعادات جرت وأسباب استحكمت ولاعتقادهم أن بعض الأمور وإن صغر في ظاهره فإنه يؤدي إلى العظائم والكبائر أو لاعتقادهم أن الخلاف في بعض الأشياء وإن كان في ظاهر الأمر كالخلاف في غيره لا يقع إلا من معاند منافس وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم ينكر أن يكون أمير المؤمنين (ع) إنما لم يظهر في جميع مذاهبه التي خالف فيها القوم إظهارا واحدا لأنه (ع) علم أو غلب في ظنه أن إظهار ذلك يؤدي من الضرر في الدين إلى ما لا يؤدي إليه إظهار ما أظهره وهذا واضح لمن تدبره وقد دخل في جملة ما ذكرناه الجواب عن قولهم لم لم يغير الأحكام ولم يظهر مذاهبه وما كان مخبوا في نفسه عند إفضاء الأمر إليه وحصول الخلافة في يده فإنه لا تقية على من هو أمير المؤمنين وإمام جميع المسلمين لأنا قد بينا أن الأمر ما أفضى إليه (ع) إلا بالاسم دون المعنى وقد كان (ع) معارضا منازعا مغصصا طول أيام ولايته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته وكيف يأمن في ولايته الخلاف على المتقدمين عليه (ع) وجل من بايعه وجمهورهم شيعة أعدائه (ع) ومن يرى أنهم مضوا على أعدل الأمور وأفضلها وأن غاية من يأتي بعدهم أن يتبع آثارهم ويقتفي طرائقهم وما العجب من ترك أمير المؤمنين (ع) ما ترك من إظهار بعض مذاهبه التي كان الجمهور يخالفه فيها
Page 143