ضاق الشيء اتسع"١. وأيّ ضيق أشد على أرباب الأراضي من منع المزارعة والمخابرة. هذا كله في الأرض البيضاء التي لا شجر فيها.
أما الأرض التي بين الشجر فقد جوَّز المزارعة عليها كل من جوّزها في الأرض البيضاء سواء أفردها بالعقد أو جمع بينها وبين المساقاة٢. واختلف في ذلك الذين منعوها في الأرض البيضاء فقال أبو حنيفة وزفر٣: "لا تجوز المزارعة عليها لا منفرد ولا مع المساقاة"٤ وقال الشافعي: "يجوز ذلك بشرط اتحاد العامل وتعذر أفراد النخل بالسقي والأرض بالعمارة"٥ واختلف٦ في اشتراط اتحاد العقد وتساوى الحصة من التمر والزرع وعدم كثرة البياض وجواز كون البذر من العامل. وظاهر حديث خيبر حجة لمن جوزه مطلقا فإن قيل لعله ساقى في خيبر قوما وزارع آخرين بالشروط المجوِّزة، أو كانت الأرض المزارع عليها بين النخيل فجاز تبعا. قلنا: تقدم الجواب عن ذلك فإنه خلاف الظاهر وعمل الناس٧ فلا يعوّل عليه من غير دليل فإن قيل: فهل لمن منع المزارعة طريق إلى أن يكون الزرع بينهما على وجه مشروع بحيث لا يرجع أحدهما