Tanbih Ghafilin
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Chercheur
يوسف علي بديوي
Maison d'édition
دار ابن كثير
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Lieu d'édition
دمشق - بيروت
وَالِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ، وَالْإِضْمَارُ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ
١١٧ - أَبَدًا، وَعَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْتَغْفِرُ بِاللِّسَانِ الْمُصِرُّ عَلَى الذُّنُوبِ، كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ» .
وَذُكِرَ عَنْ رَابِعَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اسْتِغْفَارَنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ، يَعْنِي إِذَا اسْتَغْفَرَ بِاللِّسَانِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ، فَإِنَّ تَوْبَتَهُ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ.
وَهَذَا لَا يَكُونُ تَوْبَةً.
وَإِنَّمَا التَّوْبَةُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ وَيَنْوِيَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى الذَّنْبِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ، وَإِنْ كَانَ عَطِيمًا، لِأَنَّ اللَّهَ ﵎ ذُو التَّجَاوُزِ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ.
وَذُكِرَ أَنَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ مَلِكٌ، فَوُصِفَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْعِبَادِ، فَدَعَاهُ وَرَاوَدَهُ عَلَى صُحْبَتِهِ وَلُزُومِ بَابِهِ فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ حَسَنًا مَا تَقُولُ، وَلَكِنْ لَوْ دَخَلْتَ يَوْمًا فِي بَيْتِكَ، فَوَجَدْتَنِي أَلْعَبُ مَعَ جَارِيَتِكَ، مَاذَا كُنْتَ تَفْعَلُ؟ فَغَضِبَ الْمَلِكُ فَقَالَ: يَا فَاجِرٌ أَتَجْتَرِئُ عَلَيَّ بِمِثْلِ هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ: إِنَّ لِي رَبًّا كَرِيمًا، لَوْ رَأَى مِنِّي سَبْعِينَ ذَنْبًا فِي الْيَوْمِ مَا غَضِبَ عَلَيَّ، وَلَا طَرَدَنِي عَنْ بَابِهِ، وَلَا أَحْرَمَنِي رِزْقَهُ، فَكَيْفَ أُفَارِقُ بَابَهُ وَأَلْزَمُ بَابَ مَنْ يَغْضَبُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُغْضِبَهُ؟ فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتَنِي فِي الْمَعْصِيَةِ ثُمَّ خَرَجَ.
الذَّنْبُ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَنْبٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَذَنْبٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعِبَادِ.
أَمَّا الذَّنْبُ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَوْبَتُهُ الِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ، وَالنَّدَمُ بِالْقَلْبِ، وَالْإِضْمَارُ أَنْ لَا تَعُودَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَبْرَحُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا مِنَ الْفَرَائِضِ، فَلَا تَنْفَعْهُ التَّوْبَةُ مَا لَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ ثُمَّ
1 / 108