76

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Chercheur

يوسف علي بديوي

Maison d'édition

دار ابن كثير

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Lieu d'édition

دمشق - بيروت

الْغَلَبَةُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَهْلَ الْمَعَاصِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ إِذَا أَظْهَرُوا الْمَعَاصِيَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَدَحَ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِذَلِكَ قَالَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] وَيُقَالُ: مَعْنَاهُ كُنْتُمْ مَكْتُوبِينَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، يَعْنِي أَخْرَجَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَجْلِ النَّاسِ، تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، يَعْنِي لِكَيْ تَأْمُرُوا بِالطَّاعَةِ، وَتَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، يَعْنِي تَمْنَعُونَ أَهْلَ الْمَعَاصِي مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَالْمَعْرُوفُ مَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْكِتَابِ وَالْعَقْلِ، وَالْمُنْكَرُ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَالْعَقْلِ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤] وَهَذِهِ اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ، يَعْنِي لِتَكُنْ مِنْكُمْ جَمَاعَةٌ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أَقْوَامًا بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ: ﴿كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ﴾ [المائدة: ٧٩] يَعْنِي لَا يَنْهَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ. ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائدة: ٧٩] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ﴾ [المائدة: ٦٣] يَعْنِي هَلَّا يَنْهَاهُمُ عُلَمَاؤُهُمْ وَفُقَهَاؤُهُمْ وَقُرَّاؤُهُمْ عَنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ، يَعْنِي قَوْلَ الْفُحْشِ وَأَكْلَ الْحَرَامِ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ. وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمُرَ فِي السِّرِّ إِنِ اسْتَطَاعَ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ مِنْهُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ﵁: مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَقَدْ شَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَ أَخًا فِي السِّرِّ فَقَدْ زَانَهُ، فَإِنْ لَمْ تَنْفَعْهُ الْمَوْعِظَةُ فِي السِّرِّ يَأْمُرْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَيَسْتَعِينُ بِأَهْلِ الصَّلَاحِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ لِيَزْجُرُوهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ، فَيَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعًا

1 / 96