Tanbih Ghafilin
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Chercheur
يوسف علي بديوي
Maison d'édition
دار ابن كثير
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Lieu d'édition
دمشق - بيروت
رَضْوَى، وَكَأَنَّ رُوحِي تَخْرُجُ مِنْ ثُقْبِ إِبْرَةٍ، وَكَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَةَ عَوْسَجٍ، وَكَأَنَّ السَّمَاءَ أُطْبِقَتْ عَلَى الْأَرْضِ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ حَالِي قَدْ تَحَوَّلَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ، فَكُنْتُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى قَتْلِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَيَا وَيْلَتَاهُ لَوْ مُتُّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، ثُمَّ هَدَانِي اللَّهُ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ ﷺ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَوَلَّانِي عَلَى السَّرَايَا، فَيَا لَيْتَنِي مِتُّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَالَ دُعَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَصَلَاتَهُ عَلَيَّ، ثُمَّ اشْتَغَلْنَا بَعْدَهُ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، فَلَا أَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ حَالِي عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ أَقُمْ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ ﵀.
قَالَ شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَافَقَنِي النَّاسُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ قَوْلًا، وَخَالَفُونِي فِيهَا فِعْلًا: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّا عَبِيدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَعْمَلُونَ عَمَلَ الْأَحْرَارِ، وَالثَّانِي قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ كَفِيلٌ لِأَرْزَاقِنَا، وَلَا تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَّا مَعَ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَالثَّالِثُ قَالُوا: إِنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَهُمْ يَجْمَعُونَ الْمَالَ لِلدُّنْيَا، وَالرَّابِعُ قَالُوا: لَا بُدَّ لَنَا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَعْمَلُونَ أَعْمَالَ قَوْمٍ لَا يَمُوتُونَ..
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: " ثَلَاثٌ أَعْجَبَتْنِي حَتَّى أَضْحَكَتْنِي، وَثَلَاثٌ أَحْزَنَتْنِي حَتَّى أَبْكَتْنِي، فَأَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي أَضْحَكَتْنِي فَأَوَّلُهَا: مُؤَمِّلُ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ، يَعْنِي يُطِيلُ أَمَلَهُ وَلَا يَتَفَكَّرُ فِي الْمَوْتِ، وَالثَّانِي غَافِلٌ وَلَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ، يَعْنِي يَغْفُلُ عَنِ الْمَوْتِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْقِيَامَةُ، وَالثَّالِثُ ضَاحِكٌ مِلْءَ فِيهِ، لَا يَدْرِي اللَّهُ سَاخِطٌ عَلَيْهِ أَمْ رَاضٍ عَنْهُ،
1 / 40