والاختصاص بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، سبقهم في الجهاد، فلم يرو لاحد ما روي له من مقاماته المشهورة، وجهاده في غزواته المأثورة، وكمال خصاله حمل الناس على عداوته ودفعه عن مقاماته، ولحسدهم إياه بادروه بالقتال، وأظهروا فيه سوء المقال، ثم فعلوا بذريته ما هو مشهور. فمن مقاماته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر، أول حرب شهدها، ففعل الأفاعيل، وأحصى له خمس وأربعون من الخوارج والقتل، و قيل بل سبعون، وما قارن ذلك كل منهم مشهورة وأسماؤهم منقوله. قال أبو جهل وسأل عنه ابن مسعود فقال: " علي هو الذي فعل الأفاعيل وما بقى للصلح من موضعا ". ثم كان مقامه يوم أحد، وقد انهزم الجماعة، ولم يبق إلا خمسة علي أحدهم، فقاتل بين يدي رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] حتى خضب سيفه ويده من دماء صناديد الكفرة، ووقى بنفسه الرسول المختار، حتى روى أبو رافع إنه سمع صوتا من السماء: " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " (1).
وروى زيد بن علي، عن آبائه، قال: " كسر زند علي يوم أحد وفي يده لواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتحاماه الناس، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ضعوه في يده الشمال، فأنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة " (2).
ثم مقامه يوم الخندق، عند اجتماع الأحزاب، يوم زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، وقال المنافقون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، فقتل عمرو بن عبد ود (3) بعد أن نزل يطلب البراز، وكان الناس في ذلك المقام، لا يعادله مقام إلى يوم الدين، وذلك لعلي أمير المؤمنين.
Page 52