188

============================================================

النسهيل شح معالمر العدل والنوحيل وهذا العلم يستند إلى أنهم لم يروه بعد إعمال حواسهم السليمة، ولا يصح هذا الاسناد إلا إذا ثبت آنه لو كان حاضرا لوجبت رؤيته، وما يتوقف عليه العلم الضروري وجب أن يكون معلوما بالضرورة، فإذن العلم بأنه لو كان المرئي حاضرا لوجبت رؤيته عند استجماع الشرائط علم ضروري، وهو المطلوب. فهذه مقدمات أربع لا بد من بيانها: أما المقدمة الأولى وهي أن العقلاء إذا أعملوا حواسهم السليمة فلم يروا فيلا بحضرتهم علموا أنه لا فيل بحضرتهم فهي ضرورية.

وأما الثانية وهي أن هذا العلم يستند إلى آنهم لم يروه بعد إعمال حواسهم السليمة، فالذي يدل عليها أن العقلاء يفرغون إلى إعمال حواسهم في العلم بأنه ليس بحضرتهم فيل، ويعللون معرفتهم بأن ليس بحضرتهم فيل بأنهم لم يروه فيقولون: علمنا أنه لا فيل بحضرتنا لأنا لم نره مع سلامة حواسنا وعدم المانع.

و أما الثالثة وهي أن هذا الاستناد لا يصح إلا إذا ثبت أنه لو كان المرئي حاضرا لوجبت رؤيته، فالذي يدل عليها أن الأعمى لما جوز حصول المرئي مع أنه لا يراه، والبصير لما جوز حضور الملائكة والجن وهو لا يراهم، لم يمكنهما القطع بأنه لا شيء بحضرتهما، فلهذا قلنا بأن هذا الاستدلال لا يتم إلا مع العلم بأنه لو كان المرئي حاضرا لوجبت رؤيته.

وأما الرابعة وهي أن ما يتوقف عليه العلم الضروري فهو ضروري، فالذي يدل عليها أان العلم بأن المرئي لو كان حاضرا لوجبت رؤيته، لو لم يكن ضروريا لجاز تطرق الشبهة اليه، فلو انتفى لكان لا يخلو إما أن يبقى العلم المتفرع عليه وهو أنه لا فيل بحضرتنا أو لا يبقى، فإن بقي قدح ذلك في كونه فرعا له، وإن لم يبق قدح ذلك في كونه ضروريا، ولما بطل كونه غير ضروري ثبت آنه ضروري، فثبت أن العلم بأن المرئي متى كان حاضرا وكانت الشرائط حاصلة وكانت الحاسة سليمة فإن الرؤية واجبة هو علم ضروري:

Page 188