La domination française sur les pays égyptiens et syriens
ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية
Genres
ثم أحضر الجنرال ويال وكان حميد الخصال وبطلا من الأبطال، وأرسله إلى مدينة دمياط، وصحبته ثلاثماية نفر صلدات، وسار بسرعة ونشاط إلى أن دخل البلد، فالتقوه العلماء والأعيان وأعطاهم الأمان، ثم نظم إقليم دمياط أحسن مما كان، أما ذاك البطل العنيد والليث الصنديد صاحب العز والنصر المشيد، الذي كان بين تلك الجيوش فريد الجنرال دبوي؛ فإن أمير الجيوش أقامه شيخ البلد مكانا إبراهيم بيك؛ لأن ذاك الانتصار وفتح تلك الأمصار كان عن يد هذا الجبار، ثم إن أمير الجيوش أحضر أحد الكوميسارية الكبار المسمى بوسلنج، وقلده معاطاة الأقلام الميرية وضبط مداخيل الأقاليم المصرية، وأقامه في بيت الشيخ البكري الكاين في بركة اليزبكية، وكان المصريون يدعونه الوزير أي وزير المشيخة الفرنساوية، وارتقى هذا إلى رتبة علية، وكان عالما بعلم الحسابات كاملا بجميع الصفات، ولفظة كوميسارية هم الذين لا يتعلقون بأمور الحرب، بل في معاطاة الكتابة والحسابات والصنايع وما ماثل ذلك.
ثم إن بونابارته أقام خزندار إلى المشيخة أحد الكوميسارية المدعو استيفو، وهو كان عالما بعلم الحسابات وجميع الأمور تصل إليه، ثم أمر أمير الجيوش أن العلماء الفرنساويين والفلاسفة يسكنون في البيوت التي إلى قاسم بيك وحسن بيك وما حولهم من بيوت الكشاف، التي هي في باب الناصرية النافذة إلى مصر العتيقة، ثم إن أمير الجيوش بونابارته أمر أن يفرزوا محلات معينة خارجا من المدينة بحفظ الكرنتنا، وكذلك في مدينة الإسكندرية، ثم في مدينة رشيد، ثم لمدينة مصر تكون الكرنتينا في بولاق، ثم لمدينة دمياط فتكون الكرتينا في مدينة القربة، وشرعوا في بناية المحلات المعلومة؛ وذلك لمنع رايحة الطاعون المسمومة، كما جرت العادة في بلادهم.
ثم إن أمير الجيوش من بعد ما رتب الترتيب المقدم ذكره، أخذ جانب من العساكر وسار بهم قاصد مدينة بلبيس؛ لمحاربة الوزير باكير باشا وإبراهيم بيك، وخرج في شهر سفر، وحين قارب مدينة بلبيس بلغه أن الباشا وإبراهيم بيك هربوا إلى الصالحية، فتبع أثرهم، وهناك التقت بهم خيالة الإفرنج وهجمت عليهم في تلك المرج، وابتدأ الحرب واشتد البلاء والكرب، وإذ كانت الفرنساوية على الخيل لا يستطيعون مقاومة الغز المصريين، فرجعوا عنهم مكسورين، فمات منهم جملة مقتولين، ولما وصل الخبر إلى أمير الجيوش فسار في الحال، وحين بلغ الغز قدومه فولوا منهزمين، ولم يزالوا سايرين إلى أن وصلوا لمدينة غزة، ورجعت العساكر الفرنساوية إلى مصر وهم مايدين بالسعد والنصر.
وبعد ذلك ابتدأ إبراهيم بيك يحرر إلى الأقاليم المصرية، ويحثهم على القيام على الفرنساوية، ويستخرج لهم البيورلديات من الجزار وباكير باشا، وكان جميع الغز يهيجون العربان والفلاحين على العصاوة والقيام ضد الفرنساوية، فأحضر أمير الجيوش بونابارته أمراء الديوان، وهم المقدم ذكرهم ، وشرح لهم السبب الداعي إلى حضورهم لتلك الديار، وأن ذلك باتفاق مع الدولة العثمانية، وأن الدولة الفرنساوية مساعدة إلى الدولة العثمانية على قهر الدولة المسكوبية وصدها عن مطلوبها المبين، واسترجاع ما تولوا عليه بالتغلب من بلاد المسلمين، وكتب لهم صورة كتابات أن يطبعوها بالعربية، ويرسلوها إلى الأقاليم المصرية، ففعلوا ما أمرهم به من المامورية، وهذه صورة كتابات من العلماء مصر والأعيان إلى الأقاليم وإلى البلدان:
نخبركم يا أهل المداين والأمصار، وسكان الرياف والعربان، كبارا وصغارا أن إبراهيم بيك ومراد بيك وبقية دولة المماليك أرسلوا عدة مكاتبات ومخاطبات إلى ساير الأقاليم المصرية؛ لأجل تحريك الفتن بين المخلوقات، ويدعوا أنها من حضرة مولانا السلطان ومن بعض وزرائه، وذلك كله كذب وبهتان؛ وسبب ذلك أنه حصل لهم شدة الغم والكرب والهم، واغتاظوا غيظا شديدا من علماء مصر ورعاياهم؛ حيث ما وافقوهم على الخروج معهم وترك أعيالهم وأوطانهم، وأرادوا أن يوقعوا الفتن والشر بين الرعية والفرنساوية لأجل خراب البلاد وهلاك كل الرعية والعباد؛ وذلك لشدة ما حصل لهم من الكرب الزايد بذهاب دولتهم وحرمانهم من مملكة مصر المحمية، ولو كانوا في هذه الأوراق صادقين وأنها من حضرة سلطان السلاطين لكان أرسلها جهارا مع أغاوات من طرفه معينين.
ونخبركم أن الطايفة الفرنساوية بالخصوص عن بقية الطوايف الإفرنجية دايما يحبون المسلمين وملتهم، ويبغضون المشركين وطبيعتهم، وهم أحباب لمولانا السلطان قايمين بنصرته، وأصدقاء له ملازمين لمودته ومعونته، ويحبون من والاه ويبغضون من عاداه، وكذلك بين الفرنساوية والمسكوب غاية العداوة الشديدة؛ لأجل عداوة المسكوب للإسلام وأهل الموحدين، وأعلمهم أن المسكوب يتمنى الأخذ لإسلامبول المحروسة، ويعمل أنواع الحيل والدسايس المعكوسة في أخذ ساير الممالك العثمانية الإسلامية، لكنه لا يحصل على ذلك بسبب اتحاد الفرنساوية وحبهم وإعانتهم إلى الدولة العلية، ويريدون يستولون على أياصوفية وبقية المساجد الإسلامية ويقلبوها كنايس للعبادة الفاسدة والديانة القبيحة الردية، والطايفة الفرنساوية يعينون حضرة مولانا السلطان على أخذ بلادهم إن شاء الله، ولا يبقون منهم بقية.
وننصحكم يا أيها سكان الأقاليم المصرية أنكم لا تحركوا الفتن ولا الشر بين البرية، وإياكم تعارضوا العساكر الفرنساوية بشيء من أنواع الأذية؛ فيحصل لكم الضرر والبلية، فإذن لا تسمعوا كلام المفسدين، ولا تطيعوا كلام المصرفين بالفساد في الأرض الغير مصلحين؛ فتصبحون على ما فعلتم نادمين، وإنما عليكم دفع الخراج المطلوب منكم لكل الملتزمين؛ لتكونوا في أوطانكم سالمين، وعلى أعيالكم وأموالكم آمنين؛ لأن حضرة السرعسكر الكبير أمير الجيوش بونابارته اتفق معنا أنه لا ينازع أحدا على دين الإسلام، ولا يعارضنا فيما شرع من الأحكام، ويرفع عن ساير الرعية الظلم، ويقتصر عن أخذ الخراج، ويزيل ما أبدعته الظلمة من المغارم، ولا تعلقوا آمالكم بإبراهيم ومراد، وارجعوا إلى مالك الممالك وخالق العباد، فقد قال نبيه ورسوله الأكرم: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها بين الأمم.» عليه أفضل الصلاة والسلام.
الداعي لكم الفقير
السيد خليل البكري نقيب الأشراف عفي عنه
الداعي لكم الفقير
Page inconnue