La composition pure sur les vertus du roi éminent, le Constant dans la défense de la vérité, Abû Sa'îd Jaqmâq
التأليف الطاهر في شيم الملك الظاهر القائم بنصرة الحقق أبي سعيد جقمق
Genres
104ظ
ذكر تلاقي العساكر المنصورة مع اينال وكيفية الواقعة • وكسرته وخذلانه • ثم في يوم الأربعاء المذكور تلاقى العسكران بالقرب من قرن الحارة وكان في الجاليش من العساكر المنصورة المصرية محمد بن عبد القادر ومشايخ البلاد صحبة السيفي طوغان نائب القدس فلاقاهم اينال فحطمهم فولوا على ادبارهم وكان وراءهم سائر النواب المذكورين صحبة السيفي اقبغا فوصلوا بالجاليش وتقدم اينال الأجرود نائب صفد • وطوخ ماري نائب غزة • فمشى اينال الحكمي عليهم فكسرهم وقنطر نائب غزة طوخ بعد أن قاتل قتالا عظيما فعروه وسيبوه وانكسر غالب العسكر المنصور المصري كل ذلك والمماليك السلطانية لم يصلوا بعد فوصل العسكر الطرابلسي وفيهم المقر السيفي بجلبان نائبها • وكان قد عين لنيابة حلب فقاتلوا قتالا شديدا وكان له دوادار يدعى سبور غتمش العجمي من الأبطال المعدودة • والفرسان المشهورة فتقدم وقصد اينال فابتدره قاني صور وضربه بالطبر فقتله او قتله اينال الحكمي على ما قيل رحمه الله وتقدم أيضا مملوكان أخران كانا من فوارس الأبطال وقاتلا حتى قتلا لم أعلم أسماءهما • ثم أقبل المقر المرحوم اقبغا التمرازي بمن معه من العسكر المصري فتقدم إليهم اينال الحكمي بمن معه وبذل مجهوده فيهم وصال وجال وانتسب وقال انا اينال فسار لا يقصد جهة إلى حطمها فصاروا معه في كر وفر ثلث مرات ثم إنه أنكى فيهم ووصل إلى أقبغا التمرازي • وكان شيخا مسنا غير أنه كان من الفرسان فحطمه اينال ثلث مرات إلى أن قال هي أغا مروت وصار يهشم الرماح • ويجندل الأبطال • ويذل كل من العسكرين جهده وصد العسكر المصري الضراب والقتال ونصح الله ورسوله • غير أن اينال الحكمي استظهر عليهم وردهم على أعقابهم • وبلغت اشدة غايتها • وأخذت الفتنة
105و
نهايتها • وأحاط بالعسكر الكسر • ووقع النهب فيهم والأسر • وأيسوا من الحياة • وإذا بالمماليك السلطانية • والعصابة الظاهرة الظاهرية • مع قرا خواجا بدرت كالبدور • وخرجت من وراء التل من جهة الشرق بالنصر والحبر • والفتح قائدهم والنجح رائدهم • والقضاء مرشدهم • والقدس مساعدهم • فشرعوا نحوه في ظلمة تلك الغبرة اسنه • كأنها نجوم الهدي في الدجنة • فأقبل إليهم كالأسد الغضبان • والنمر الحردان • وقابل وقاتل • وحاول وجاول • وأخذ الراية بيديه • وفعل ما وصلت قدرته إليه • إلى أن كل ساعده • وقل مساعده • وبردت همته • وسقط حوله وقوته وتراجعت رجاله • وجندلت أبطاله • ونهبت أثقاله • وتحولت أحواله • فولي الأدبار وقد بار • وعلى رأسه غبار عثار • وخبره بالانكسار ثار • وصيت نصر العساكر الإسلامية إلى الأقطار طار • وإلى الافاق بالانتصار صار • فأخذ من قبطي الغوطة موليا نحو الشرق حتى وصل إلى حرستا فاختفى هناك في مكان وهو وحيد لم يكن معه أحد وقد قتله الجوع والتعب • والخوف والنصب • فأعطى شخصا يدعى ابن حريكة شيئا يشتري له به شيئا يأكله وأخبره أنه اينال الحكمي واستكتمه امره واستوثق منه أنه لا ينم عليه • ولا يعلم به سوى بكري بردي مملوك القاضي شهاب الدين بن الكشك الحنفي فإن أولاد اينال وبعض ما كان يخاف عليه كان مودعا عند بكري بردي المذكور • ثم نقلهم على ما قيل عند الخواجا بن الوىق فأسرع القاصد إلى بكري بردي وأخبره الخبر فخاف على نفسه وعلم أن هذه القضية لا يمكن اخفاؤها ولا كتمها وكان السيفي جانبك دوادار السيفي برسباي صاحب الحجاب صديقا له فتوجه في الحال إليه وأعلمه بصورة القضية فمن فوره ركب وذهبا وأخذا معهما جماعة قليلة وتوجها إلى حرستا ونزلوا عليه نزول القضاء المبرم فحين رآهما أيقن بنزول البلاء • وحلول القضاء • فهاش عليهما فضربه ركاب كان معهما
105ظ
فشجه • ثم تكاثروا عليه وقبضوه وأخبروا نائب القلعة بذلك فنزل من ساعته من القلعة وتوجه لاستقباله فوافاهم قريبا من مسجد القصب وهو مجروح فنزل إليه وقبل ركبته وتسلمه منهم ومشى في خدمته إلى ان أدخلوه القلعة المنصورة وذلك قبيل الظهر يوم الخميس المبارك ثاني ذي القعدة الحرام سنة إثنين وأربعمائة لطيفة ذكر أن اينال المذكور رأى مناما فقصه على بعض الناس فقال له يدل على أنك تدخل القلعة راكبا لكن على الحالة التي ذكرت وقضاها الله سبحانه وتعالى عليه • ونظير ذلك ما رأيته في كتاب جامع الحكايات في باب الحرص والشره إن شخصا كان حريصا على الرئاسة وجمع المال والترفع يود أن لو وصلت يده إلى حطام الدنيا وتوسع فيها فكان يبذل مجهوده ويكدح ليلا ونهارا ويكد نفسه ويتعب بدنه وروحه فرأى مناما قصه على معبر فقال له لكن البشارة فإنك ترث ميراثا يكون محمله ثقيلا ففرح بذلك وابتهج وتصور أن ذلك يبلغه إلى ما يريده من الترفه ففي العيش والتوسع في الدنيا ثم افتكر في أنه إذا ورث وكثر ماله لا بد له من دار واسعة • ومنزل فسيح • يترفه فيه • ويضبط ماله من معلقات • وربما يكون له دواب ومواش فأدى رأيه إلى أن اشترى قطعة أرض بالدين وأنشأ فيها عمارة واستدان شيئا واشترى به حمارا ينقل عليه التراب والأحجار • وشرع يستعمل ذلك الحمار • ويبذل جهده وغلب عليه حرصه إلى أنه صار لا ينام الليل ولا يسكن بالنهار • وذلك الحمار معه في أشد ما يكون من التعب والجوع والنصب والشقاء يقاسي مالا يعلمه إلا الله وهو أيضا في غاية الشدة • ونهاية الكد والشقاء • وقد استبطأ الميراث • ولم يكن معه شيء يطعم الحمار فمات حماره من الجوع والتعب • والهزال والنصب • فحمل بردعته على ظهره وجاء بها إلى منزله • فصادف العبد في طريقه فصب عليه وشكي حاله إليه • وقال له يا أخي كنت عبرت لي مناما أن أرث ميراثا وقص عليه القصة
106و
إلى إن قال فمات حماري وهذه بردعته قد أثقلتني فقال له المعبر يا أخي منامك ليس بمنام يوسف الصديق عليه السلام ولا رؤيا إبراهيم الخليل عليه السلام وعلى تقدير أن يكون صحيح التعبير فيها قد ورثت البردعة • وهذا الذي قدر الله لك أن ترثه فلا تغالب القضاء والقدر • وإن أردت أن تسعد نفسك بيدك فهذا أمر لا يصعد معك فمن غالب القضاء غلب • ومن ناهب الزمان سلب • ومن لم يرض بما قدر الله تعالى وقسمه له قبل خلقه تعب والسلام • ذكر دخول العساكر المنصورة إلى الشام ثم إن العساكر المنصورة صحبة المقر السيفي المرحوم اقبغا المرازي نائب الشام دخلت يوم الجمعة ثالث ذي القعدة الحرام بالهيبة الكاملة • والسرور التام • والنصر والنجح • وقد انكشفت بحمد الله تعالى الغموم • وانجابت الهموم وهرب قاني صو • وتفرقت البغاة • وتشتت شمل الطغاة • وحملت المنافقون هم اينال • وتشوش عامة الأوباش • وصاروا في هرج ومرج بسببه • والحاصل أنه انسر كل صديق صادق • وانهم كل زنديق منافق • • ذكر مراسلة شيخ العرب بليان • وكان حاجب الحجاب برسباي أرسل إلى بليان شيخ الكرك مطالعة أن يجمع العشران وما تحت يده من المسلمين والروافض والنصارى وجميع جماعات البر ويحضر معهم إلى الشام • وأرسل المطالعة إلى الصارم مقدم الزيد أني ليوصلا إلى شيخ الكرك • فاطلع على ذلك اينال الحكمي فأرسل إلى الصارم المذكور وأتى به ليلا وصلبه تحت القلعة ظلما وعدوانا ولكن اتصل هذا الخبر إلى بليان فأمر من تحت يده من العشران المسلمين والنصارى فاجتمعوا وأجمعوا أمرهم وكيدهم ثم انتظروا قدوم العساكر المنصورة فلما قربت توجهوا إلى الشام غير أنهم عاثوا
106ظ
في البلاد ومدوا أيديهم إلى ما وصلت إليه من حريم الناس وأولادهم وطغوا وبغوا واستطالت النصارى على فلاحي المسلمين وتعدوا طورهم وكانوا نحوا من سبعة آلاف نفس فلما عزمت العساكر المنصورة على الدخول دخل بليان أيضا في اليوم المذكور بمن معه من العشران المسلمين والنصارى فصاروا يعتدون على الناس ويعبثون كما ذكر وفعلوا ذلك أيضا في القبيبات • وكان أهل الشام يكرهون بليان لكونه رافضيا وكان هو أيضا يكرههم وجرى له مع أهل السنة والعشران أمور وحكايات وقضايا ووقعات • يطول شرحها • فحين أمكن الله تعالى من اينال والناس مغتمون بقضيته وصلت العساكر المنصورة • وأقيل بليان المذكور في حضرته وطائفته الملعونة وهم على ما هم عليه من التعدي • مد أيدي البغي إلى الناس • فما وجد الناس لبرد غليلهم • وشفاء غليلهم من جهة اينال • الا سب الرافضة • وتناولهم بالشتم واللعن وكان السيفي فارس نائب القلعة على باب الجابية منتظرا قدوم العساكر المنصورة • فسل واحد من الرافضة الدبوس على واحد من العوام فشتمه نائب القلعة فرد عليه فقال نائب القلعة يا مسلمين عليكم بالرافضة لكم المال والروح فارحموهم فرحموهم وأخذوا في تشتيتهم • والخوض في دمائهم • فكبروا تكبيرة واحدة ارتجت لها الأرض وقتلوا ولده حزبان وهرب ولداه علي وموسى • واخذ بليان على السريجة من باب الجابية • وتوجه لا يدري إلى أين يذهب فسد الله تعالى الطرق في وجهه فرجع بعدل فضل إلى المزة • وصار أينما توجه يصادف الخلق ومعهم الحجارة والعصي فقبضوا عليه من طريق المزة بزقاق يقال له زقاق الماء وأرادوا أن يوصلوه حيا إلى المدينة فخافوا أن يخلص من أيديهم فقطعوا في الحال رأسه وأخذوه على رأس عصا وذلك قبل صلاة الجمعة وكان رجل فلاح معه حمل شيخ على حماره فقال معاشر المسلمين والله إني رجل فقير وقد جمعت هذا الشيخ لأبيعه
Page inconnue