مَنَامِهِمْ فَوَجَدُوا أُخْتَهُمْ وَابْنَهَا مَذْبُوحَيْنِ فِي الْحُفَيْرَةِ كَمَا قِيلَ لَهُمْ فَسَأَلُوا عَنْهَا الْعَابِدَ فَصَدَّقَ قَوْلَ إِبْلِيسَ فِيمَا صَنَعَ بِهِمَا فَاسْتَعْدُوا عَلَيْهِ مَلِكَهُمْ فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَقُدِّمَ لِيُصْلَبَ فَلَمَّا أَوْثَقُوهُ عَلَى الْخَشَبَةِ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَنَا صَاحِبُكَ الَّذِي فَتَنْتُكَ بِالْمَرْأَةِ حَتَّى أَحْبَلْتَهَا وَذَبَحْتَهَا وَابْنَهَا فَإِنْ أَنْتَ أَطَعْتَنِي الْيَوْمَ وَكَفَرْتَ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَصَوَّرَكَ خَلَّصْتُكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ قَالَ فَكَفَرَ الْعَابِدُ فَلَمَّا كَفَرَ بِاللَّهِ تَعَالَى خَلَّى الشَّيْطَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَصَلَبُوهُ قَالَ فَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ﴾ إلى قوله جزاء الظالمين وَقَدْ تقدم ذكرها.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أبي القاسم نا أَحْمَد بْن أَحْمَدَ نا أَبُو نعيم نا أَبُو بَكْر الآجري ثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد العطيني ثنا إِبْرَاهِيم بْن الجنيد ثنى مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن ثنا بِشْر بْن مُحَمَّد بْن أبان ثنى الْحَسَن بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسلم القرشي عَنْ وهب بْن منبه ﵁ قَالَ كان راهب فِي صومعته فِي زمن المسيح ﵇ فأراده إبليس فلم يقدر عَلَيْهِ فأتاه بكل رائدة فلم يقدر عَلَيْهِ فأتاه متشبها بالمسيح فناداه أيها الراهب اشرف علي أكلمك قَالَ انطلق لشأنك فلست أرد مَا مضى من عمري فَقَالَ أشرف علي فأنا المسيح فَقَالَ إن كنت المسيح فما لي إليك حاجة ألست قد أمرتنا بالعبادة ووعدتنا القيامة انطلق لشأنك فلا حاجة لي فيك فانطلق اللعين عنه وتركه.
أنبأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ نا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ نا أَبُو عَلِيٍّ الْبَرْدَعِيُّ ثنا أَبُو بَكْر الْقُرَشِيُّ ثنا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ثنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا رَكِبَ نُوحٌ ﵇ فِي السَّفِينَةِ رَأَى فِيهَا شَيْخًا لَمْ يَعْرِفْهُ فَقَالَ لَهُ نُوحٌ مَا أَدْخَلَكَ قَالَ دَخَلْتُ لأُصِيبَ قُلُوبَ أَصْحَابِكَ فَتَكُونُ قُلُوبُهُمْ مَعِي وَأَبْدَانُهُمْ مَعَكَ فَقَالَ لَهُ نُوحٌ ﵇ اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللَّه فَقَالَ إِبْلِيسُ خَمْسٌ أُهْلِكُ بِهِنُّ النَّاسَ وَسَأُحَدِّثُكَ مِنْهُنُّ بِثَلاثٍ وَلا أُحَدِّثُكَ بِاثْنَتَيْنِ فَأَوْحَى اللَّهُ ﵎ إِلَى نُوحٍ ﵊ أَنَّهُ لا حَاجَةَ لَكَ إِلَى الثلاث مرهيحدثك بِالاثْنَتَيْنِ فَقَالَ بِهِمَا أُهْلِكُ النَّاسَ وَهُمَا لا يَكْذِبَانِ الْحَسَدُ١ وَالْحِرْصُ٢ فَبِالْحَسَدِ لُعِنْتُ وَجُعِلْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا وبالحرص أبيح لآدم الجنة
_________
١ الحسد أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه والغبطة أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى زوالها عنه والأول مذموم والثاني محمود وعليه قوله ﷺ: "لا حسد إلا في اثنتين".
٢ الحرص شدة الإرادة والشره إلى المطلوب وهو نوعان: حرص فاجع وحرص نافع فالأول حرص المرء على الدنيا وهو مشغول معذب بها فلا يفرغ من محبتها الثاني: حرصه على طاعة الله تعالى خوف أن تفوت.
1 / 28