يظهر أبي عند باب غرفة المسافرين. في القميص والبنطلون. يخرج عمو «فهمي» من غرفة النوم مرتديا جلبابه. تتبعه «نبيلة» في فستان أزرق. تحضر «خضرة» الشاي الأخضر. يقول عمو «فهمي »: عندنا كمان «لبتون». يلتهم كعكة. نشرب الشاي ثم ننتقل إلى الفرانده.
تجلب «خضرة» القهوة. يقترح عمو «فهمي» على أبي عشرة جديدة من الطاولة. تصر «نبيلة» على لعب «الكونكان». تفنط الكوتشينة وتفرق الورق. أريد أن ألعب فينهرني أبي. أبتعد إلى حافة الكنبة. أضع إصبعي في فتحة أنفي. ينتهي الدور بانتصار «نبيلة». تجمع أوراق الكوتشينة ومكسبها من القروش في فرح. يخفي زوجها ضيقه ويبتسم في تكلف.
يرتفع صوتها: عيب كده، قوم اغسل إيديك. أقوم على الفور وأنا لا أجسر على النظر إلى أحد. أتبعها إلى الحمام الأفرنجي. تشير إلى الغطاء البلاستيكي للتواليت. فوقه آثار قدمين. - إنت اللي طلعت فوقه برجليك؟ أقول لها إني تبولت في الكنيف الآخر. لا تصدقني. أغسل يدي بالصابون. تسألني: هو بابا عنده فلوس في البنك؟ أقول إني لا أعرف. تسأل من جديد: معندوش دفتر شيكات؟ أكرر عدم معرفتي.
أتبعها إلى الفرانده. أتوقف عند بابها. تهز نسمة هواء اللمبة المدلاة من السقف. على مبعدة بقع صغيرة من الضوء تخفق في ضعف. غرفة المائدة مظلمة. نافذتها مفتوحة. ضوء مصباح الشارع يسقط على محتويات المائدة.
أقترب من زوج أختي. أمد له يدي بالكراسة. يتناولها ويضعها جانبا حتى ينتهي الدور. يراجع إجاباتي. يعيدها إلي. يربت على كتفي مشجعا. ينهض أبي. نخرج إلى الصالة. أحضر له السترة والطربوش. تختفي أختي. تعود بصندوق أحذية من الكرتون ملفوف بدوبارة. تضعه على المائدة. نتجه إلى باب الشقة. تقول «نبيلة»: الكحك. يلكزني أبي بمرفقه. أتقدم من الصندوق. أحمله من الدوبارة. هناك دائرة واسعة من السمن على جداره.
6
نتجمع عصرا فوق السلالم الخمس بمدخل منزل الناصية. «سمير» و«صفوت» وولد سمين يسكن في آخر منزل بالحارة. نلعب الكوتشينة. تنضم إلينا «سلمى». أخت «سمير». في سني أو أكبر قليلا. ترتدي فستانا من غير أكمام. ذراعاها رفيعتان. تجلس فوق البسطة أمام شقتهم. نصبح نحن تحتها. تحدق أمامها ساهمة. أرفع رأسي. تفرج ساقيها. ألمح فخذيها. يرتفع صوت أمها من داخل الشقة. تزعق في زوجها. أنتظر صوت أبي يستدعيني كعادته كل ليلة عندما يحل الظلام. أميز ضجة غامضة صادرة عن منزلنا. أنفصل عن رفاقي وأسرع إلى مدخل المنزل أدفع بابه الحديدي. نور السلم مضاء. أصعد درجتين. باب الشقة مفتوح. أبي على مقعد أسفل نافذة المنور في ملابسه الكاملة. يحمل طربوشه في يده مقلوبا إلى أعلى. وجهه متجهم. أمي تروح وتجيء منكوشة الشعر. تصيح وتصرخ وتشتم. تهجم عليه. تختطف الطربوش من يده. تلقي به على الأرض. تدوسه بقدميها في عنف. تختطف نظارة القراءة من جيب سترته العلوي. تهرسها على البلاط. أبي جامد في مكانه. يوجه إليها كلمات حازمة: كفاية بأه يا «روحية». بلاش فضايح. تسرع إلى نافذة المنور. تفتح مصراعيها على سعتهما. تردد كلمات غريبة. تهدأ بعد قليل. ينتزع أبي الطربوش من الأرض. يبسط جوانبه. يضم حافتيه ثم يبسطهما عدة مرات. يمسده بذراعه. يرتديه. ينهض واقفا. يصحبني إلى الخارج.
تظهر «سهام» أخت «سلمى» الكبرى على باب الشقة. ترتدي جلبابا منزليا بغير أكمام. تحمل سبت غسيل فوق رأسها. تصعد السلم. أتابع اهتزاز فلقتيها حتى تختفي.
تشير «سلمى» إلى الطابق الأعلى في منزلنا. تسألنا إذا كنا نعرف ما حدث في الفجر. البوليس هاجم المنزل وقبض على «وديع».
أسألها بدوري: «وديع» مين؟
Page inconnue