الركن الثّاني: العاقدان، وهما: المؤجر، والمستاجر. الركن الثّالث: العِوضان، وهما: الأجرة، والمنفعة. وعند الحنفية: أن الركن: هو "ما توقف عليه وجود الشيء، وكان داخلًا في الماهية". وعليه، فإن ماهية العقد عندهم، وحقيقته: هي الصيغة فقط. وهي ركن الإجارة الوحيد عندهم (١). وأمّا بقية الأركان الّتي ذكرها الجمهور، فهي عندهم شرط لتحقق الماهية، ومن أطراف العقد، ومقوماته. ورغم هذا الخلاف فإن الكل متفقون على أنّه لا قيام للعقد إِلَّا باجتماع ذلك كله، فآل الخلاف إلى خلاف لفظي، لا ثمرة له في الفروع - والله أعلم- (٢). ممّا سبق يتبين لنا أن من أركان عقد الإجارة: المنفعة، بل هي المقصودة أصلًا من الإجارة، وما عقدت الإجارة إِلَّا من أجلها. ونظرًا لأهميتها، وتعلّقها بمباحث الرسالة نذكر شروطها إجمالًا، ومن خلال تلك الشروط يتبين لنا شيء من سبب الخلاف فيما يتعلّق بأخذ المال على القرب المختلفة. وهذه الشروط هي: الشرط الأوّل: أن تكون المنفعة معلومة (٣). اشترط الفقهاء في المنفعة أن تكون معلومة علمًا يمنع المنازعة، ويرفع الخلاف؛

(١) تبين الحقائق للزيلعي: ٥/ ١٠٥، بدائع الصنائع للكاساني: ٤/ ١٧٤. (٢) الإجارة الواردة على عمل الإنسان للدكتور/ شرف بن علي الشريف: ص ٦٢، الموسوعة الفقهية - الكويت ١/ ٢٥٤. (٣) بدائع الصنائع للكاساني: ٤/ ١٨٠، أسنى المطالب شرح منهج الطالب للأنصاري: ٢/ ٤٠٦، المغني لابن قدامة: ٨/ ١٤، شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ٢/ ٣٥١.