292

وهذا منصوص عليه في (الأحكام)(1)؛ لأن الناس اختلفوا فيما فوق(2) ذلك، فأما دون(3) ذلك، فلم يختلفوا فيه، وإن كانت عبارتهم عنه مختلفة، فمنهم من قال: إذا كان مثل رؤوس الإبر، ومنهم من قال: إذا كان مثل دم البراغيث، وكل ذلك يرجع إلى معنى واحد، أو متقارب.

ويدل على ذلك قول الله تعالى: {أو دما مسفوحا}، فأخبر بأنه(4) نجس بعدما وصفه بأنه مسفوح، ويؤكد ذلك تعذر الإحتراز منه، والمشقة الغالبة فيه. ويدل على ذلك:

ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، حدثنا الناصر، عن محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين(5)، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه، فإذا دم، فأعاد مرة أخرى، فلم ير شيئا، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض، فمسحها، ولم يحدث وضوءا، ومضى إلى الصلاة.

ألا ترى أنه لما كان يسيرا لا يسيل، لم يغسل منه يده، ولا أنفه، فبان بأنه معفو عنه.

مسألة [في المبتلى بسلس البول وسيلان الجروح]

قال: ومن ابتلي بشيء مما ذكرنا، فليغسل ثوبه مما أصابه منه، فإن كان شيئا لا ينقطع وقتا من الأوقات، فلا ضير عليه في تركه، ولا يستحب له أن يتركه في ثوبه أكثر من يوم وليلة، إلا أن يشق ذلك عليه، فيعذر في تركه يومين أو ثلاثة، على قدر ما يمكنه، وإن أمكنه ثوب غيره، عزله لصلاته.

وذلك كله منصوص عليه في (الأحكام)(6)، وقد تقدم الكلام في إيحاب غسله عن الثوب إذا أراد الصلاة فيه.

Page 292